قبل وجود الشبكة العالمية، والانفتاح المعرفي، كانت الصحف الرسمية في المملكة العربية السعودية الملاذ الآمن للإبداع الأدبي والمعرفي، واضطلعت تلك الصحف بوظيفة الإعلام عن ولادة الأدباء الشباب، وتعريف الناس بنتاجهم قبل أن يثبتوا أقدامهم من خلال صفحات خصصت لهذا الغرض، ووضعت لخدمة الناشئة من هواة الأدب وكتّابه في فنونه المختلفة.
وعلى الرغم من قيمة تلك المهمة التي تؤديها الصحف اليومية لكن الوصول إليها لم يكن سهل المنال لكل عشاق الأدب من الكتّاب والهواة؛ نظراً لكثافة عدد المتقدمين مقارنة بضيق المساحة المحددة، بالإضافة إلى بعد المبدع عن الناقد، وعدم اطلاعه على رد فعل المتلقي تجاه ما يكتب.
وبعد ظهور عالم الإنترنت، وثورة الشبكة المعلوماتية في المملكة العربية السعودية، واستجابة المعتنين بالثقافة والأدب لهذا التطور الإلكتروني، والانفتاح المعلوماتي، ظهرت مواقع ومنتديات جذبت إليها الشعراء، وكتّاب السرد، والمعتنين بفنون الأدب كافة، وفي هذه المنتديات وقع حراك ثقافي أدبي خدم الساحة الأدبية والنقدية، وأسهم في ظهور أسماء شابة أثبتت مع الوقت مقدرة أدبية كفلت لهم حق البقاء، وكتبت أسماءهم في ساحة الأدب، وبقيت تلك الأسماء لامعة متوهجة حتى بعد زوال زمن المنتديات، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الجيل من الشباب خط له مسلكاً فريداً، وولج بخطى ثابتة إلى عالم الأدب الجميل، عندما اختار الوقت المناسب كي يُظهر نتاجه من رحم الفضاء المعلوماتي إلى عالم الكتاب الورقي، فظهرت الروايات الجادة، والدواوين الجيدة.
إنّ جيل الأدباء من الشباب لم يستطع البقاء في الساحة الأدبية بسهولة، بل كتب اسمه بمداد الصبر على النقد المفتوح، والحرص على التعلم الجاد، والبحث عن النقد البنّاء حتى ذهب الزبد جفاء، وبقي الأدب الجيد في الأرض، ولمع نجمه في السماء.
وفي معرض الحديث عن أدب الشباب أجد نفسي ملزمة بالإشادة بهؤلاء المبدعين مثل سلطان السبهان، ومصعب السحيباني، وأثير النشمي، وغيرهم من الذين خرجوا من رحم المنتديات إلى عالم الأدب الفسيح بقوة المبدع، وثباته، فصاروا فخراً لوطنهم وذويهم.
د. أسماء بنت عبد العزيز الجنوبي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية