يوسف المحيميد
من بين تصريحات هذا الأسبوع ما أطلقه وزير التعليم بأن هناك فائضًا في أعداد المعلمين، بينما الواقع يقول أن هناك الآلاف ممن تقاعدوا هذا العام، وممن ينتظرون التقاعد، ويقول واقع المعلمين، أيضًا، بأن نصاب المعلم أسبوعيًا لا يمنحه فرصة التطوير والتجديد، وتحويل بعض الإداريين إلى معلمين، ودمج فصول ومدارس، وتكليف البعض بمدرستين، وندب معلمين ومعلمات لسد عجز مدارس أخرى، ودعوة تعليم إحدى المحافظات المواطنات إلى التطوع في التعليم، بدلا من البطالة، كل هذه لا تشير إطلاقًا إلى وجود فائض في أعداد المعلمين والمعلمات!
كل هذه المؤشرات تقول بأن التعليم في أزمة حقيقية، سواء في نقص كوادر التعليم من المعلمين والمعلمات، أو زيادتها من غير توظيف سليم لها، لكن الأمر لا يعالجه تصريحات هنا وهناك، كأن يصحح المتحدث الرسمي بالوزارة بأن الفائض في بعض التخصصات فقط، أو في بعض المحافظات، فهذه الاجتهادات لم نعد بحاجة إليها، مع العمل المؤسسي المنضبط، وطموحنا بخطط واضحة ومحددة، كي تكون المبادرات التي تقدمها وزارة التعليم مقبولة، ضمن مبادرات التحول الوطني 2020، وما لم تستند مثل هذه المبادرات لإحصاءات دقيقة وصحيحة، فلن يتمكن هذا القطاع من تطوير قدراته وتحسين مستقبله في ظل طموح هذا الوطن لتحقيق رؤية المملكة 2030، ومن بين أهم القطاعات يأتي قطاع التعليم الذي يبني العقول والكوادر التي ستكون القوة البشرية المحققة للرؤية.
ولو افترضنا أن أعداد المعلمين والطلاب صحيحة، وأن نسبة عدد الطلاب لكل معلم في المملكة من أقل المعدلات العالمية، فهذا مؤشر مميز يحسب لنا، ويفترض أن يقابله مخرجات تعليم متميزة، لا أن يتم استهداف المعدلات العالمية، بالاستغناء عن آلاف المعلمين، أو تشجيعهم على التقاعد المبكر، لأننا للأسف لم نحقق تطورًا في التعليم حتى مع انخفاض هذه النسبة، فكيف لو ارتفعت؟ ثم أن من المثير أن نكون من أقل المعدلات العالمية في نسبة عدد الطلاب لكل معلم، ومع ذلك يتم تكليف المعلم بنصاب مواد عال، وبتكليف معلم الابتدائي بكافة المواد التي بعضها ليست من تخصصه، وأعداد الطلاب في الفصول تصل إلى أربعين طالبًا أحيانًا، فأين هي مئات الآلاف من المعلمين الفائضين عن الحاجة؟
أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى إيضاح واقع التعليم وتفسيره، وبشكل علمي، نحن بحاجة إلى الشفافية فيما يحدث في قطاع التعليم، كي نحدد مشاكله، ونبحث عن حلول تسهم في تحقيق التحول الوطني بشكل سلس وناجح.