عمر إبراهيم الرشيد
كان ذلك في إحدى ليالي عام 1978م، وكنت حينها في الصف السادس الابتدائي، لكني أتذكر مشاعري المختلطة بين الخوف والغضب بمجرد بدء مقدمة مسلسل السهرة الأمريكي (الجذور).
كان ذلك في التلفزيون السعودي بقناته الوحيدة حينذاك، وكنت أشاهد جزءاً من المسلسل، حيث لا يتيح لي النعاس الذي يتسلّل إلى أجفاني تكملة المشاهدة، إنما أتذكر جيداً أن التلفزيون أوقف عرض المسلسل ولم يكمل حلقاته.
قبل حوالي سنة، كنت أتجول بين أرفف المكتبة بقصد التقاط الجديد مما تدفع به دور النشر، وإذا بي ألمح بين الكتب الأجنبية واحداً لفت انتباهي عنوانه، أنه (الجذور) تلك الرواية الواقعية المبنية على أحداث حقيقية، صاغها بأسلوبه الكاتب والصحافي الأمريكي أليكس هالي، التقطتها على الفور وكأني قد وقعت على شيء كنت قد افتقدته منذ طفولتي مع توق شديد للحصول عليه ثانية . غلاف الكتاب صورة التقطت من أحد حقول القطن في أمريكا لعائلة من الأفارقة عام 1875م، وهي الفترة التي ما زال الأفارقة في أمريكا يرزحون فيها تحت نير العبودية، إذ لم يؤت قانون تحرير العبيد الذي سنه الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن بعض ثماره إلا نهاية الستينات من القرن العشرين، بعد مقتل المناضل من أجل الحقوق المدنية مارتن لوثر كنج عام 1963م.
أقول (بعض) لأن تبعات تلك الفترة وبعض آثارها لا تزال فاعلة.
أليكس هالي حفيد بطل القصة الذي اختطف من غابات غامبيا عام 1776م ضمن تلك الهجمات التي قام بها تجار العبيد في القارة السمراء، لبيع من يتم اختطافه بطريقة الاصطياد والمباغتة حتى لا يقاوم ولكي يسهل نقله بالسفن عبر البحر إلى العالم الجديد وأمريكا تحديداً، حيث الحاجة إلى اليد العاملة في حقول القطن والتبغ والذرة والتفاح، والبنية الأساسية من طرق ومبان ومناجم وغيرها.
أليكس هالي كاتب القصة التي حولت إلى عدة أفلام ومسلسلات في هوليوود، هو أحد أفراد البحرية الأمريكية وكان عمله على متن إحدى السفن، وكان يمضي وقت فراغه في القراءة والاطلاع والكتابة.. إلى أن تولّدت لديه الرغبة في تدوين سيرة جد العائلة كونتا عمر كونتي المسلم الذي تم خطفه وجلبه إلى أمريكا مع مجموعة من مواطنيه من غامبيا، إلى اللقاء.