** اللغة هوية كل أمة.. وهي أحد رموز مكوناتها ووجودها.. وهي التي تخلق التواصل بين الإنسان والآخر، فضلاً عن ذلك فهي التي تنسج أفكاره وتعبِّر عن وجدانه.
و«لغتنا العربية» هي أغلى اللغات ليس لأننا ننطق بها بل لأنها اللغة التي نزل بها النص المقدس «القرآن الكريم»، آخر الكتب السماوية والتي يتعبد بها مليار ونصف مليار مسلم، وهي اللغة التي يبلغ عدد الناطقين بها في آخر إحصائية (422) مليون.
* * *
هذا الوطن هو موطن نشوئها وانطلاقها في فضاءات الأرض والكون.
من هنا فالمملكة العربية السعودية هي أو يجب أن تكون الأسوة بالحفاظ عليها، والعناية بها وتيسير الدروب لنشرها، فهي لغة دستور هذا الوطن ولغة أبنائه كما نصّ نظامه الأساسي.
وأتوقف بهذه المقالة عند الرسالة التي يحملها وينهض بها ويضطلع بمسؤوليتها «مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية».
وهذه الرسالة المنوطة بالمركز يتعاظم دورها في هذا العصر، حيث ازدياد التحديات التي تواجه «اللغة العربية» ليس من خارج البلاد الناطقة بها بل من داخلها بعد أن أصبح التحدث والكتابة والتخاطب لدى الكثير من المؤسسات يتم عبر اللغة الإنجليزية.. وبعد أن بدأت وسائل الإعلام وبعض الكتابات والمؤلفات بل بعض نشرات الأخبار تُكتب وتنطق باللهجات المحلية. إنه من المؤسف أن الدول العربية كما تقسمت جغرافياً تكاد تنقسم لغوياً بعد أن انتشر التواصل باللهجة العامية أو اللغات الأجنبية في كثير من البلدان العربية، سواء عبر الأدوات الإعلامية أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الفضاء المرئي أو المسموع، بل يتم أحياناًً بالعديد من المؤتمرات التي تعقد في أوطاننا العربية.
* * *
من هنا تأتي رسالة ومسؤولية هذا المركز من منطلق تحقيق أهدافه البالغة الأهمية للحفاظ على لغتنا ونشرها وانتشارها، وذلك عبر العشرات من المشروعات والبرامج التي يقوم بها - في الداخل أو في الخارج - المملكة، كالدورات التي أقامها في إندونيسيا والصين الشعبية، والدورات التي يقيمها لتعليمها، وسرني أنه يسعى حالياً لإقامة شهر اللغة العربية في الهند وشهر اللغة العربية في إسبانيا
وفي كل عام يقيم المركز برنامجاً حافلاً يليق باللغة العربية إسهاماً بالاحتفال والاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي.
* * *
إن المركز يواصل جهوده المباركة في إقامة المؤتمرات والندوات والبرامج، حيث أقام خلال الفترات الماضية عدداً من المؤتمرات النوعية، ونهض بالشراكة مع بعض الجامعات بالعديد من الملتقيات النابهة، منها:
- الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي، وقد انعقد برعاية كريمة من خادم الحرمين.
- ملتقى (دور التعليم والإعلام في تحقيق أمن اللغة العربية)، الذي انعقد بالشراكة مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وشارك فيه نخبة من المتخصصين.
* * *
وفي برامج حلقات النقاش أقام حلقات موفقة وناجحة:
- الحلقة النقاشية (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.. آفاق الريادة والتميز).
- اللقاء التشاوري الأول لعمداء كليات اللغة العربية ورؤساء أقسامها في الجامعات السعودية.
- الحلقة النقاشية (المواقع الحاسوبية الخادمة للغة العربية).
- الحلقة النقاشية (اللغة العربية والإعلان).
- الحلقة النقاشية الشبابية ضمن برنامج (لغة الشباب العربي في وسائل التواصل الحديثة).
كما تبنى تنظيم عدد من المحاضرات العلمية في برنامج علمي يتضمن محاضرة لأحد الأساتذة الكبار في مجالهم مع إصدار كتاب مصاحب في موضوع المحاضرة.
كما عقد حلقة نقاشية للباحثين وطلاب الدراسات العليا، منها:
- اللغة العربية بين الاستقرار والتطور، أ.د. عبدالقادر المهيري.
- مستقبل اللغة العربية، أ.د. أحمد الضبيب.
* * *
** وفي مجال الدعم والتعاون الدولي (الزيارات والبرامج) كان هناك حراك كبير في هذا المجال، ومن ذلك:
قام المركز بعدد من الزيارات لعدد من دول العالم، يهدف من خلالها إلى بحث سبل التعاون، وخدمة اللغة العربية هناك، ومن هذه الدول:
- روسيا:
الإشراف على مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للغة العربية في موسكو.
- أوغندا:
تقديم الدعم لقسم اللغة العربية بجامعة ماكريري، ودعم جهود برنامج المنح الدراسية.
- تركيا:
تأسيس معمل اللغة العربية بجامعة أسطنبول ودعم مسابقات للغة العربية، وقد تم افتتاح المعمل في احتفائية اليوم العالمي للغة العربية 2013م، وإصدار عدد من الإصدارات عن اللغة العربية في تركيا.
* * *
** وفي مجال قواعد البيانات أنجز العديد من القواعد المتميزة وعلى سبيل المثال منها:
1- قاعدة بيانات مؤسسات اللغة العربية في السعودية - بناء1.
2- /https://benaa.kaica.org.sa
2- قاعدة بيانات المؤسسات المعنية باللغة العربية في العالم- بناء2
3- /https://benaa2.kaica.org.sa
وغيرها.
* * *
ومن البرامج والمشروعات التي نهض بها المركز:
1- مشروع «مكنز القرارات المعنية باللغة العربية».
2- مشروع «جمع توصيات المؤتمرات الخاصة باللغة العربية».
3- مشروع «اللغة العربية في البلاد غير العربية» وعدد آخر من المشروعات.
4- «قناة اللغة العربية في اليوتيوب».
5- «مرصد اللغة العربية».
- مشروع «تعليم اللغة العربية في الحج والعمرة».
وهو مشروع يعمل عليه المركز بالتعاون مع عدد من الجهات الاستشارية والمعنية في مجال الحج والعمرة لاستثمار شعيرتي الحج والعمرة في تعليم الحجاج والمعتمرين اللغة العربية لتكون بوابة لنشر اللغة للعالم، وخدمة لزوار بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها المملكة العربية السعودية للحجاج والمعتمرين.
* * *
- وفي مدار الإصدارات العلمية والنشر:
قام المركز بإصدار عدد من الكتب العلمية ونشرها وتوزيعها من خلال عدد من المسارات التي يعمل عليها، وقد أصدر المركز قرابة «100» إصدار.
* * *
وبعد:
أختم مقالي عن هذا المركز ورسالته بفيض من التفاؤل لما رأيت من جهد وحماس وإخلاص القائمين عليه والمسؤولين عنه بدءاً من معالي المشرف العام عليه وزير التعليم د/ أحمد العيسى الذي علمت عن اهتمامه به رغم مسؤولياته الكثيرة، فهو على قناعة أن هذا المركز يؤدي رسالة جليلة نحو لغة الضاد داخل بلادنا وخارجها ونحو الأجيال في مدارسهم وجامعاتهم.
وقد لمست ذلك رؤية لا رواية عندما سعدنا أعضاء مجلس الأمناء الجديد بلقائه ذات صباح مضيء كإضاءة هذه اللغة في أرجاء الوجود.. لقد كان متابعاً لأعمال المركز ومحفزاً عليها، وداعماً لها بقوله وعمله، وكما قال لي الأمين العام للمركز لم نرفع لمعاليه خطاباً أو طلباً تتوفر لديه القناعة عنده بأنه سيكون خادماً للغة العربية إلا وافق عليه ودعمه.
* * *
- المركز يعمل فيه كفاءات وطنية استطاعت بجهدها أن تنفذ برامج ومشروعات ومؤتمرات متعددة أشرت إلى بعضها في هذا المقال، ولعل من توفيق الله: اختيار أمين عام مثقف وغيور على لغته قبل المركز وبعده هو د/ عبدالله الوشمي، فخطابه بما يوكل إليه: أداء الأمانة وتحقيق الرسالة.
هذا المركز كما قرأت ورأيت موعود بأن يكون «أيقونة» على جبين هذه اللغة وعلى ناصية هذا الوطن والأم لهذه اللغة الأم، ولم لا والمركز في هذا الوطن يخدم رمز هويتنا ورسول عقولنا، والمعبر عما يداخل وجداننا.
هذا المركز هو المؤتمن على لغتنا الغالية بما أنجزه وما يُخَطط لإنجازه وبتعاهد المسؤولين عنه بدءاً من معالي المشرف العام عليه، وبجهود وتخطيط مجالس أمنائه السابقين واللاحقين وبعطاء ومشروعات أمانته العامة.
حفظ الله هذه اللغة: رسالة ورسولاً وهوية ورمزاً وطريق اتفاق لهذه الأمة وجسر وفاق.