سمر المقرن
إذا كان 47 % من الأطفال في المملكة يتعرضون للتنمّر، بحسب دراسة منشورة لبرنامج «الأمان الأسري»، فإن هذا يعني وجود جرس إنذار بظاهرة تستحق مباشرة البحث والتقصيّ والعلاج على وجه السرعة. لأن الآثار النفسية على الأطفال والمراهقين جرّاء ما يتعرضون له من عنف سيستمر معهم، وسنخلق جيلاً به إعلال نفسي ومهزوز وغير متوازن، إذا ما نظرنا إلى أن طفل أو طفلين من كل أربعة أطفال يتعرّض للتنمر، فإن النسبة جداً عالية والأعداد التي يُمارس ضدها العنف ليس بقليل، بمعنى أننا وصلنا إلى مرحلة الظاهرة!
هناك من يقول إن التنمّر ظاهرة جديدة بدأت تغزو المجتمع السعودي، وفي واقعها هي ليست بجديدة إنما الجديد هو ظهور المصطلح وتسمية الأشياء بأسمائها، أضف إلى ذلك، الشعور بوجود المشكلة والاعتراف بها، كما أن هناك أوجهاً جديدة أبرزت التنمّر ومنحته قوة الظهور كالتنمّر الإلكتروني مثلاً، والذي أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي بروزة بشكل أقوى، لكن تظل أشكال التنمّر الأخرى قابلة للعلاج والتعامل، عدا ما يحدث للأطفال والمراهقين داخل المدارس والأماكن التي يحدث فيها تجمعات تكون بيئة خصبة للتنمّر المباشر سواء بالعنف اللفظي أو البدني أو العاطفي.
في المدارس يجب أن تعمل وزارة التعليم على حل هذه الظاهرة في أسرع وقت، ووضع خطة عاجلة تُقلّص هذه المشكلة الكبيرة، التي وصلت إلى حد الظاهرة بسبب أنه لم يتم الوعي بالمشكلة في وقت سابق ولم يوضع لها حلول. وزارة التعليم معنية بشكل مباشر على معالجة التنمّر، مع ضرورة إيجاد مواكبة إعلامية لتوعية الطفل والمراهق بحقوقه، والطرق التي من خلالها يُمكن له أن يلجأ لها في حال تعرضه للتنمّر.
وأتوقّع أن من أهم حلول هذه الظاهرة هو معالجة الأطفال ذوي الميول العدائية من البداية، وتوعية الأهالي بخطورة هذه الميول على الطفل نفسه وعلى أقرانه، ومحاولة التعرّف على أهم الأسباب التي خلقت هذه العدائية في داخل طفل يُفترض أنه يعيش مرحلة طفولة نقيّة بعيدة تماماً عن هذه المشاعر السلبية. والمشكلة الأكبر بحسب ما أطلعت عليه من دراسات وبحوث أن نسب حدوث التنمّر تزداد بتقدم العمر، ما يعني أن المشكلة تكبر مع الطفل طالما أنها لم تُعالج من بداية ظهورها!
كل مدارس التحيل النفسي تؤكّد أن الشخصية الإنسانية تتأثر طوال حياتها بالأحداث التي تتعرض لها في مرحلة الطفولة المبكرة، فهل نفكر جدياً في نفسية مستقرة لأطفالنا حتى نضمن جيلاً سوياً خالياً من كل الاضطرابات التي لا تؤثّر عليه فقط، بل على المجتمع بأكمله!