د.عبدالعزيز الجار الله
تبلغ مساحة بلادنا نحو مليونَيْ كيلومتر مربع، وتشكل (70) % من مساحة الجزيرة العربية. وتخترق هذه المساحة أودية عديدة ضخمة وهادرة، أبرزها نحو (60) من الأودية الطويلة التي تصل لنحو (510) كم كوادي الرمة بالقصيم، وأقلها وادي تعشر في جازان الذي يبلغ طوله (50) كم. وبعضها أخدودي عميق، وبعضها سطحي ضحل قريب من السطح.
هذه الأودية الـ(60) واحدة من المخاطر التي تتعرض لها مناطق المملكة الـ(13)، وبخاصة إذا أضفنا لها روافدها الكبيرة؛ فهي تشكّل (شبكة مجاري كبيرة)، تتخللها (مجاري مائية)، بعضها هادر وجارف، يؤثر على السكان والمدن والتنمية، ويكلف الدولة إنشاء الجسور والكباري والأنفاق والعبّارات والمزالق ومشروعات تصريف السيول التي بلغت المليارات من الريالات سنويًّا.. وتعود بالخسائر الجسيمة مع كل موسم من مواسم الأمطار؛ إذ تجرف الطرق، وتغرق المدن، وتزهق الأرواح والممتلكات دون أن تكون هناك خطط للأودية، ولا إدارة لمياهها. وأيضًا لا توجد جهة معينة تتولى إدارتها؛ فهي معلّقة بين جهات ووزارات عدة: البلديات، النقل، الزراعة، المياه، البيئة.
أبرز مهام وزارة أو هيئة الأودية لو أُنشئت هي:
أولاً: در أخطار الأمطار على السكان والمدن والممتلكات والمشروعات.
ثانيًا: الاستفادة من المياه في المخزون المائي والسدود، ورصد الأمطار للزراعة والغابات والأشجار البرية، بدلاً من أن تضيع هدرًا في البحار والكثبان الرملية وتتبخر.
ثالثًا: إعادة هندسة الأودية، وتشكيل الروافد، وربطها عبر شبكة أودية، تقوم على مخطط متكامل للاستفادة من دورته السطحية.
رابعًا: توجيهها لخدمة أغراض الزراعة في المناطق التي تعتمد على الزراعة المطرية، وتطوير هذا الجانب؛ لتكون هناك زراعة موسمية تقوم على الأمطار.
خامسًا: إنشاء خرائط حديثة ودقيقة للأودية بالمملكة.. مياه الأمطار المحلية والمنقولة لخدمة المجتمع وإدارات التخطيط، وتنفيذ المشروعات، وبخاصة إنشاء المستوطنات والمدن الجديدة والمخططات والأحياء والقرى.
لقد تأخرنا كثيرًا في جعل الأودية تصنيفًا مستقلاً، وضمن الهيئات الاستثمارية.. فلو فكرنا بعمق لاكتشفنا أن الأودية من الموارد المالية متى ما استثمرناها تجاريًّا بدلاً من أن تُهدر في البحر، أو تغوص في بحار الرمال، أو تتحول إلى معول هدم، تدمّر محاور التنمية.