د.علي القرني
إيران ما زالت تراوح في مكانها الذي اختطته لها في ساحة رسمتها لمسارها في المنطقة: إرهاب الدول، وتسليح الجماعات الإرهابية، وتغذية الفتن، ونشر مذهبيتها.. نعم، تلك هي السياسة الخارجية لإيران منذ نحو أربعة عقود؛ وهذا ما جعلها من دول الشر في المنطقة؛ لأنها تحاول زرع الفوضى وتقويض الاستقرار ونشر الكراهية بين شعوب ودول المنطقة.
سياسة إيران لن تتغير في ظل نظامها الحالي، وفي ظل سياستها التوسعية في المنطقة، وفي ظل الأطماع التي تريد أن تلتهم من خلالها دولاً، وتسحق شعوبًا، وتنتزع ثروات في منطقة الجوار الإيراني. نعم، سياسة إيران لن تتغير إلا إذا تغيّر النظام فيها، ومهما عملت من عمليات تجميل هنا أو هناك، إلا أنها تظل مجرد ذر رماد في العيون، ومحاولة شراء وقت لتحقيق هدف أو تمرير إجراء أو تضليل موقف.
إيران روحاني وزياراته في الخليج أو غيرها هي مجرد حملة علاقات عامة، بما تحمله من تصريحات لا تمت إلى الواقع بصلة؛ فهي مجرد كلام استهلاكي لوسائل الإعلام، تحاول من خلالها أن ترسم صورة لها في الرأي العام الإقليمي والدولي غير الواقع الذي تعمل عليه وتخطط له.. وتدفع بإمكانياتها العسكرية والاقتصادية والبشرية والفكرية والعقدية كافة من أجل أن تستمر في توسعها في المنطقة. وليست الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس روحاني إلى سلطة عمان ودولة الكويت إلا محاولة منه لتضليل الرأي العام العالمي والأمريكي على وجه الخصوص بأن إيران دولة ليست عدوة لدول المنطقة، وهي تسعى إلى تحسين علاقاتها بهذه الدول.
لم تأتِ هذه الزيارة من فراغ؛ فهي ضمن سلسلة من التحركات السياسية الإيرانية لمحاولة احتواء الموقف الأمريكي الجديد تجاه إيران الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وإيران تحاول أن تعمل جاهدة لاحتواء هذا التوجُّه الخطير الذي يهدد النظام الإيراني، ويقوض بالضرورة التوجهات التوسعية لإيران في المنطقة، وينادي بها كزعيمة للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
ومن المتوقع أن ينشأ صراع كبير خلال الأشهر القادمة بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والنظام الإيراني على خلفية أن إيران دولة إرهابية وراعية للإرهاب. وإيران حاليًا جُنّ جنونها؛ لأنها توقعت أنها ستعود بقوة للساحة الدولية كدولة شرعية؛ وهذا ما يجعل النظام الإيراني يسعى جاهدًا لتلميع صورته بزيارات أو تصريحات متفرقة، ولكن لن يكون من المجدي ما تقوم به إيران على أي صعيد في الوقت الراهن؛ لأن العالم يعرف أن إيران تعمل على حملة علاقات عامة مستمرة على تحسين صورتها الخارجية؛ وبالتالي الضغط على إدارة ترامب في أن تعود إلى الاتفاقيات الموقّعة مع أمريكا ودول أوروبية بخصوص موضوعها النووي.
وترامب - بلا شك - سيقف بقوة في مواجهة إيران ووضعها في سياقها الطبيعي والحقيقي، وهو أنها دولة مارقة على القانون الدولي، وراعية للإرهاب، وراعية للجماعات الإرهابية.. وهي دولة توسعية، تسعى إلى تقويض أمن واستقرار دول الجوار ودول المنطقة. وهذه هي أجندة الرئيس ترامب خلال الفترة القادمة. وإيران حاليًا تحاول الالتفاف على توجهات كهذه بأن تبدأ من البوابة الخليجية، وتأتي بكلام معسول، وبمواقف مخدرة في محاولة منها لاستدراج بعض الدول الخليجية؛ لتصبح مدافعة عنها أمام الولايات المتحدة في المرحلة القادمة. ولا بأس أن تسمع هذه الدول الخليجية ما تريد أن تقوله إيران، ولكن يجب أن نتفهم أن إيران لن تغير سياستها في المنطقة، وهي فقط تحاول أن تلتف على التوجهات الدولية التي كشفت دورها الإرهابي المتأصل في نظامها.