د. خالد عبدالله الخميس
في مشهد تناولته وسائل الإعلام المرئية هذه الأيام يدور حول موقف لأحد الصحفيين العرب وهو يقاطع السفير الأمريكي في إسرائيل ويهتف في الكونغرس مندداً بالاحتلال الإسرائيلي ورافعاً العلم الفلسطيني، هذا المشهد ذكرني بأساليب العرب في رد حقوقهم المسلوبة والتي تدور أبعادها في ثلاثة مستويات: التنديد والهياط وفشة الغل.
كانت سياسات التنديد والاستنكار في ماضي ما سبق هي المتبعة عند العرب، وكان أعنف تنديد أوجع العدو هو التنديد عندما حرق المسجد الأقصى، وبعد سياسة التنديد انتقلوا لسياسة «الهياط» وتهديد العدو بالكلام الثقيل والهجاء بكلام هوائي صاخب، وكان أكبر كلمة هياط هي التوعد برمي العدو في البحر، وفي تقدم مطرد تلت سياسة «الهياط» سياسة جديدة هي سياسة «فشة الغل» وهو نموذج «حربي» رفيع المستوى وأسلوب فوق-بطولي، وأبرز ممارسات «فشة الغل» هو الصدح بكلمة «عنيفة» أمام رمز من رموز العدو، ولقد كان أكبر معارك فشة الغل التي يستحيل للعرب نسيانها هي «معركة حذاء بوش» الخالدة والتي تغنى به العرب متبخترين بمشاعر النصر باعتبارها تمثل صفعة عنيفة مقابل تدمير الأمريكان للبنية التحتية للعراق.
الغريب أن سلوك «فشة الغل» يعطي شعوراً تخديرياً بتحقق النصر وشعوراً موهماً بتحقق الثأر على الظلم. ولك أن تتخيل أن تحتل بلدك مقابل صرخة تصرخها في وجوه واحد من رموز محتليها، أو تدمر بلدك مقابل جزمة ترميها على واحد من رموز مدمريها.
وهكذا تدرج صنّاع السلاح العربي وطوروه بعدما كان الاختراع الأول منصباً على رصاص «التنديد» ثم انتقل إلى اختراع مدافع «الهياط» وانتهى الآن ببارجات «فشة الغل».
والعدو يعلم جيداً أن «العرب ظاهرة صوتية» ولذا فإنه بين الوقت والحين يدع مشاهد مصورة فيها تفريغ لفشة الغل كي يتلهى ويتبختر بها العرب لينسوا حقوقهم المسلوبة.
السؤال: هل نحن بالفعل مصابون بمتلازمة فشة الغل، أم أن هذه المتلازمة هي عرض يمكن الشفاء منه؟.