أ.د.عثمان بن صالح العامر
كانت الجلسة في أحد مساءات هذا الأسبوع جلسة حوار مفتوح ونقاش حر شفاف بعد انتهاء حلقة أحد البرامج الإعلامية التي تركز بشكل مباشر على فتح ملف من الملفات الساخنة في الواقع السعودي والحديث عنه من قبل أطرافه المختلفة، ومع أن هذه القناة الإعلامية ليست من قنواتنا الحكومية فإنها محسوبة علينا، والبرنامج الذي مضى له سنوات ليست بالقصيرة معني بشكل مباشر بالشأن السعودي.
كان السؤال الأبرز:
# ترى: هل الإعلام خدم التنمية؟
وتولد عن هذا السؤال الرئيس:
# ما الفائدة من مثل هذه البرامج التي تنشر الغسيل وتعرّض بالواقع وتصوّره أمام الآخر ربما خلاف ما هو على الحقيقة، أو أنها تبالغ شيئاً ما في إيراد طرفٍ من الحكاية دون أن تكتمل الصورة فتشوه أكثر مما تصلح وتعالج؟
# هل بالفعل تحقق بعد هذه الحلقة أو تلك علاج وإصلاح للخلل الذي تمت مناقشته فتصحح المسار وتحقق المطلوب، أم أن لهذه المؤسسة أو تلك تحفظها وعندها ردودها ولها مسبباتها التي لم تأتِ عليها الحلقة؟
# هل نحن بالسوء إلى هذه الدرجة التي جعلت برامج عدة تستمر لسنوات طويلة، تعرض كل مساء تقريباً لملف من ملفاتنا التي ربما يمكن القول إنها مسكوت عنها في نظر القناة ؟
# هل هذه خاصية سعودية أم أنها ظاهرة إنسانية تختلف نسبياً من مجتمع لآخر لأسباب تحتاج إلى تقصٍّ ودراسة؟
# هل أسرة البرنامج تزن بميزان العدل فلا تحابي ولا تجامل، وإنما تأتي على جميع مفاصل التنمية وتستضيف جميع الأطراف، ولديها من الموضوعية والنزاهة ما يكون سبباً للقبول الرسمي والمجتمعي ويضفي عليها لباس المصداقية والصراحة التي ينشدها ولي الأمر في ظل الضوابط المعروفة للكلمة.
# إلى ماذا تهدف مثل هذه البرامج التي تسلط الضوء على مفاصل الواقع السعودي، وربما عرضت ونددت بما هو من الركائز الأساس في المجتمع، وقد تكون قد تدخلت بشكل مباشر في ما يعتبر في العرف الإداري العام من صلب صلاحيات وزارة ذات اختصاص، والوزارة لديها أسس وضوابط تعمل على ضوئها ولا يمكن لها أن تتجاوزها بحال، وكأن مقدم البرنامج مُنح الصلاحيات المطلقة للمساءلة والمحاكمة العلنية والمطالبة شبه الرسمية على الهواء مباشرة للتحدث من قبل هذا المسئول أو ذاك فيما هو في بعض الأحيان من أسرار العمل الخاصة التي يأتي بها التوجيه لمصلحة يراها ولي الأمر؟
# وفي الأخير، كان سؤال المعارضين لهذا النوع من البرامج: ( ماذا قدّمت هذا القناة من خلال ما تتسابق إليه من أجل كسب المشاهدين وإثارة عواطفهم والتحدث عنهم ومعهم للإثارة فقط طوال عمرها، وهل من المقبول استمرارها في ظل ما جدّ من ظروف، وإلى ماذا تريد أن تصل بنا نحن المشاهدين في النهاية؟).
الإعلام قديمه وجديده اليوم هو لاعب مهم وركن أساس في التنمية، والتفاعل معها، والوعي بمفاصلها، والتوظيف الأمثل لمخرجاتها، والتعاطي الإيجابي مع منجزاتها، فهل لنا أن نصنع لأنفسنا إعلاماً يرتقي بنا سلم المجد والنجاح وصولاً للقمة التنموية التي تضمن الانخراط الشعبي العام مع كل ما من شأنه جعل المواطنة الصالحة هي ديدن وغاية ومطلب الجميع.. دمتم بخير والسلام.