رمضان جريدي العنزي
لإيران تركيبة سياسية معقدة، وأمراض مستعصية موروثة ومكتسبة، ولها خدع وانتهازيات ومراوغات وفكر ثعلبي ماكر، وغدر ضبع، وتمارس أبشع أنواع وأساليب التضليل والخداع والتدخل في شؤون الآخرين، وتسوق بقوة لفكر أحادي متطرف، وترسم لنفسها صوراً فذة وماجدة ونادرة، وتنشر شعارات منتقاة وبراقة.
إيران تحاول دائماً أن تبرز نفسها كقوة عظمى، والويل كل الويل لمن لا يعترف بعظمتها، أو يخطئ بتشخيص هذه العظمة.
إيران تجيد إنتاج الصور واللافتات الدعائية، وتحاول رفع نفسها إلى مراتب سامية في التمجيد والتخليد والسؤدد.
إيران تجيد صناعة القيود، وتتظاهر بتحطيم القيود، أوضاعها متأرجحة، والنتائج ستكون غير محسوبة العواقب، لها تباين في السياسة وفي المواقف وفي التعامل والخطاب.
إيران تمشي على صراط دقيق ملغوم بالأحقاد السياسية والعقائدية والعرقية والطائفية. لها أزمات كثيرة، ولا تدري كيف تضع أقدامها على طريق المستقبل في ظل تنافرها الحاد.
إيران تخوض في الآونة الراهنة معارك سياسية خانقة متشعبة وخطيرة، وتتوالى عليها المصائب المأساوية، التي ستتجرع فيها السم الزعاف على جرعات بطيئة لكنها قاتلة. فكرها جامد مثل بوابة خرسانية لا يمكن إزاحتها، والسبب الأساسي أنها عجزت عن فهم الأدوار والمؤثرات والشؤون العالمية، ولم تدرك بعد أن التغيرات العالمية ينبغي أن تكون في الحقائق والوقائع، وليست في البهت والخداع والتلون وصنع المصائب. بمعنى دقيق يجب على إيران أن تتغير نحو الأفضل والأحدث، وأن تكون صادقة فعلا وقولا وعملا والتزاما وتطبيقا، وليس مجرد دعاية قابلة للتعديل والتبديل وإعادة النص والإخراج، وفي واقعها تعيش في دهاليز البهت والعبث والأقنعة.
إن أقوال وأفعال إيران المتناقضة والمزدوجة لا علاقة لها بمنطق العقل والمنطق والوعي والتحضر والبناء والسلام.
إن بريق التسلط والاستحواذ، وسباقها المحموم نحو ذلك هو الذي هيمن على عقلها، وهو الذي يقودها نحو منزلقات التشرد والتفكك والضياع، تحت تأثير مغريات التمدد والتسلط وغواية الاستحواذ، وهو الذي بعث فيها أحلام البحث عن سر العظمة، وهكذا وجدت إيران نفسها في خضم الماراثون المصيري للفوز بالكسب والسيطرة وإن كانت أحلامها بعيدة المنال والتحقق.
إن إيران لم تدرك بعد أن أهدافها الحقيقية هي في تلاحم وتعاظم مشاريع التعليم والبناء، والانتقال بالشعب الإيراني من حال البؤس والفقر والجوع والتشرد والركود، إلى حال الانتعاش والرفاهية والغنى.
لقد تصورت إيران الرؤى بأنها بغير هذا الشكل، فانحرفت مسارات مفاهيمها الخاطئة نحو مستنقعات التخبط الآسنة، من هنا لابد لإيران البحث من جديد عن قواعد سياسية مبنية على الشفافية والوضوح وممارسة الصدق والإيمان به، بعيداً عن الخداع والتلون والتقية، لضبط التوازنات في ممارسة أعمالها السياسية وتعاملاتها الدولية والإقليمية، وصيانة نفسها من الانحرافات المزاجية التي ستضعها في صراع عقيم مع كل دول العالم أجمع.
إن سياسة الشد والجذب والعناد والغموض والعقد الطائفية وإيقاظ الفتن التي تمارسها إيران حالياً قد تنفجر في وجهها بقوة هائلة، ولن تنفعها حين ذاك الأقنعة المزيفة، ولا الأغطية السميكة، ولا التلون والخداع، لأن زمن الرواج لهذه العبثيات قصير وهجين ولن يؤدي مطلقاً لهدف أو غرض أو نتيجة.