سعد بن عبدالقادر القويعي
على امتداد تاريخ الجماعات الإرهابية - كتنظيمي - القاعدة، وداعش، تساءل - وزير الخارجية السعودية - عادل الجبير في كلمة أمام مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الثالثة والخمسين، إلى: «أن إيران لم تتعرض لاعتداء من داعش، أو أي منظمة إرهابية أخرى في المنطقة»، وهو ما أثبت - في تقديري - عن عمق العلاقة بين الطرفين، وأن أهدافهما لا تمر إلا من خلال البيئة الطائفية المقيتة، وتلك هي اللعبة المتبعة من قبل الطرفين، والتي تتفق أدلتها مع الواقع، والوقائع، والعقل، والمنطق.
لم تسجل إيران أي اعتداء إرهابي داخل أراضيها، ولم يوجه تنظيم داعش تهديداً صريحاً باستهداف إيران. - وعليه - فلا أبالغ إن قلت: إن إدارة تنظيم داعش، وتحريكه يتم من قبل المخابرات الإيرانية، وهو ما تؤكّده الوثائق، والشهادات التي تشير إلى وجود علاقة، ومصالح مشتركة بين إيران، وكل من تنظيم القاعدة - سابقاً -، وخلفه - اليوم - تنظيم داعش. فسياسة ملالي إيران لا يعنيها على الإطلاق الاختلاف المذهبي، بقدر ما يهمها تحقيق مصالحها، - وبالتالي - دأبت على بسط نفوذها على مجموعات تعتنق الأيديولوجية التكفيرية، وباشرت في جذب تلك المجموعات، وتمويلها، وتزويدها بالسلاح.
التدخل الغيراني في الشأن السوري، وقبله العراقي، سببه حرص إيران على حماية مصالحها السياسية، والاقتصادية، وذلك من خلال استخدام داعش في تعزيز قوتها الإقليمية. فالمصالح السياسية المتبادلة بين داعش، وإيران لا يمكن إغفالها - بأي حال من الأحوال -. كما أن التفجيرات، والاغتيالات، وصنع الإرهاب صفة مشتركة تجمع النظام الإيراني، وداعش في بوتقة واحدة، وهذه الصفة تعتبر الأبرز لسياسة نظام الولي الفقيه.
منذ اندلاع الثورة الخمينية، عمدت إيران على بناء قواعد خارجية لحركات مسلحة، وإيواء الأحزاب الراديكالية ذات الطابع المتطرف؛ ولكن تبقى طرق، ومصادر تمويله، وإدارته سراً؛ لتؤدي خدمات لطهران إقليمياً، وإستراتيجياً، والعمل على إشاعة الفوضى الخلاَّقة في المنطقة، ودفع البوصلة لتسير باتجاهات متناقضة، وتركها دون توجيه؛ من أجل تأصيل العداء داخل المجتمعات العربية؛ وحتى تتمكّن من السيطرة على المنطقة، وجعل الشعوب العربية مطية لمصالحها، وكمشروع فارسي يعود إلى استماتة إيران في التوسع، والتمدد بأي ثمن، وأداة، وحين تتغير قواعد اللعبة، قد تتضح الأمور أكثر؛ لنختصر مشهد الإرهاب بالبحث عن إيران، وأذرعها.
هناك مصالح مشتركة لوجود هذه التنظيمات المتطرفة، والعمل على تغذيتها بالذرائع الأيديولوجية اللازمة؛ لانتشار التنظيم، وازدهاره، دون أن يعلم التنظيم بأبعاد المخطط السياسي المرسوم له، بل إن إيران جعلت من تنظيم داعش ورقة للتفاوض مع الغرب؛ بدعوى محاربة الإرهاب، والتطرف، وخلط الأوراق. وباختصار، فإن إيران، وداعش، هما وجهان لعملةٍ واحدة؛ باعتبار أن السياسية وراء المصالح، وفن الممكن.