جاسر عبدالعزيز الجاسر
تمر الإضافات الأمنية الاستراتيجية التي تشهدها المملكة العربية السعودية دون أن تلفت انتباه المفكرين الأمنيين في العالم، بل ولا تحظى حتى باهتمام إعلامي داخل المملكة وإقليمياً داخل الدول العربية، فضلاً عن الانتشار في الفضاء العالمي، فمركز الأمن الإلكتروني الذي افتتحه أمس الأول الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الداخلية لن يُهتم به إعلامياً أكثر من تغطية المناسبة ونقل تصريحات الأمير محمد بن نايف، ثم يخفت الحديث ويتناسى المتلقون في السعودية وفي الدول العربية والعالم الحدث لينشغلوا في فعالية أخرى.
الحقيقة أن مركز الأمن الإلكتروني الذي دشنه سمو ولي العهد ووزير الداخلية يعد إضافة مهمة ومهمة جداً، إِذْ سيضيف المركز قوة علمية ومساندة عملية لما تقوم به المملكة العربية السعودية في مواجهة القوى الإجرامية والإرهابية الدولية والإقليمية التي تستهدف البشرية جمعاء، وإن ركزت على المملكة العربية السعودية فهذا جزء من الحرب القائمة بين الخير والشر.
والمركز حسب ما أعلنه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز سيكون المرجع التقني في المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بعمليات الدوائر الأمنية ومشاركة المعلومات المتعلقة بالمخاطر والتهديدات الإلكترونية والاستجابة ومعالجة الحوادث الإلكترونية على المستوى الوطني.
تفكيك هذه المعلومات، وشرح ما تفضل به سمو ولي العهد ووزير الداخلية يبين أن المملكة العربية السعودية تواكب المخاطر التي تثيرها الحروب المستقبلية والتي تؤكد جميع الدراسات التي أجرتها معاهد الدراسات الاستراتيجية ومراكز الحروب أنها ستعتمد في قادم الأعوام على العمليات الإلكترونية، وأن هذه الحروب لا تقتصر على المعارك العسكرية ولا على المعدات والأجهزة التدميرية كالطائرات المسيرة عن بعد ولا الصواريخ والقنابل المتفجرة، بل ستمتد إلى قطاعات أخرى مؤثرة في حياة الشعوب، فبالإضافة إلى تدمير الاقتصاد بتخريب قنوات الاتصال الإلكتروني بين البنوك والمؤسسات المالية وتعطيل الاتصال والأجهزة بين مراكز الخدمات الإدارية، وحتى الطبيعية وتعطيل عمل التواصل بين الأجهزة التي تفعل وتشغل الخدمات في الدول بأن توقف خدمات الكهرباء والماء والخدمات الصحية، إضافة إلى تعطيل التواصل بين الدوائر والأجهزة الحكومية والجهات الخاصة، لتدب الفوضى ويحرم المواطنين من الخدمات كافة.
السيناريو ليس بعيداً وقد شهدنا بعضاً من معارك تعطيل خدمات الحاسب الآلي في بعض المؤسسات والوزارات، فيما شهدت دول أخرى هجمات الإلكترونية مؤثرة وصلت إلى حد التأثير على مسارات التصنيع العسكري والصاروخي.
إذن الاستعداد والتهيئة العلمية ورفع مستوى الاستجابة للتصدي ومعالجة الحوادث الإلكترونية التي تشن من جهات معادية أو حتى التي تحصل بأسباب تقنية أو أخطاء بشرية، عمل مهم ومطلوب وملح على المستوى الوطني والقومي، وإقامة المملكة العربية السعودية مركز أمن إلكتروني متخصص يضاف لجهودها المتميزة في هذا الشأن، فالمملكة العربية السعودية رائدة في تكوين تحصين أمني وسياسي وعسكري ورقمي لمكافحة الإرهاب والجريمة سواء على مستوى العدوان التقليدي أو العدوان الإلكتروني.