عبدالحفيظ الشمري
مثلما للإنسان أدوار كبيرة في الحياة، وبناء الحضارات، والسعي في سبل البقاء؛ فإن للبيئة أيضاً - بمختلف مكوناتها - أدواراً لا تقل أهمية عنه، وما انطلاق مناسبة «اليوم العالمي للحياة البرية» الذي يصادف يوم الجمعة القادم - 3 مارس - إلا تتويج لهذه الرسالة المهمة، والفريدة من نوعها على مستوى المحافظة على البيئة وكائناتها البرية والبحرية، وما يتصل بها من قيم وتحولات نوعية في أنماط حياتها، وما يواجهها من تحديات ومصاعب قد تسهم في انقراضها أو اندثارها.
فالأمم المتحدة وبما تحمله من مضامين الرعاية والاهتمام فإنها تود أن يكون هذا اليوم العالمي للحياة البرية خطوة مهمة في برامج حماية البيئة بما فيها من نباتات وحيوانات تعيش في البراري، أو الصحاري، حيث تهددها الكثير من الأخطار البيئية كالتصحر، وندرة المياه والكلأ، أو الأخطار البشرية؛ كالصيد الجائر، وقطع الأشجار، أو عدم الاهتمام بها وإهمالها على نحو يعرضها لخطر الانقراض.
وما دام الحديث عن الأخطار التي تواجه البيئة البرية؛ فإن هيئات الأمم المتحدة المختصة، والدول، والمجتمعات، والمنظمات الإنسانية؛ معنية بهذا الأمر كثيراً، فيتطلب من الجميع تضافر الجهود لمكافحة التجاوزات التي تحدث للحياة البرية وذلك بابتكار طرق فعَّالة للتوعية بالأخطار التي تواجهها، والحد من نتائجها، فهناك من البشر من تؤثّر به التوعية المعنوية من خلال وسائل الإعلام والندوات والمحاضرات والمؤلفات وقنوات التواصل الاجتماعي، وهناك من المخالفين لضوابط الحياة البرية لا توقفه سوى الغرامات المالية، ومصادرة الأدوات والأجهزة غير المرخصة.
وبمناسبة هذا اليوم العالمي للحياة البرية؛ فإن أبرز الحلول لما تواجهه من تحديات هو أهمية تنظيم الاتجار بالكائنات البرية، وكذلك النباتات الصحراوية، حيث تشير الكثير من الدراسات والبحوث الميدانية إلى أن هذا التحدي البشري لبقاء الحياة البرية يفوق التحدي البيئي لها، حيث بلغ العبث لدى فئة من البشر بمقدرات البيئة البرية، وتجاوز حدود الاستخدام الشخصي على نحو الغش والتبديل في الأشجار والنباتات بين بيئة وأخرى؛ مما تسبب بأعباء كبيرة على نحو استنزاف المياه، وجلب بيئة دخيلة، قد تسهم في انقراض أنواع بيئية مهمة وحيوية لتوازن الحياة في البراري والصحاري والجبال.
وبهذه المناسبة العالمية فإن الكثير من الباحثين يشيرون صراحة إلى أن «الحياة البرية» تواجه مشاكل حقيقية ليست بسبب ممارسات الإنسان وحسب؛ إنما بسبب اضطراب الطبيعة، وتغيّر الأحوال المناخية؛ حيث تعد هي الأكثر تعرضاً للتهديد بالموت أو الانقراض على مستوى الكائنات الحيوانية والنباتات، لأن المناخ بدأ يسهم في عدم الاستقرار البيئي للحياة البرية؛ كتزايد مساحات الجفاف، وندرة الأمطار، وتغلب التصحر على الأرياف، لذلك من المفيد أن تتضافر الجهود خدمة للحياة البرية التي تعد هي القطب المهم في معادلة بقاء الحياة.