فهد بن جليد
لا يجب أن (تنتقد) كل شيء أمامك، لمُجرَّد النقد فقط، وألاَّ يُعجبك العجب ولا الصيام في رجب - كما يُقال - حتى تُصبح (صحفياً ناجحاً) يُشار إليك بالبنان، وكأنَّ الله أنعم عليك بقدرات خاصة وخارقة على (التفكير والتحليل) وحرم غيرك من هذه النعمة.
وهو الأسلوب الذي ينتهجه بعض الدخلاء على المهنة للأسف، من الباحثين عن المصالح الشخصية، ولفت الانتباه، فتجده في تويتر وسناب شات.. وغيرهما (مُتحلطماً) يتقمَّص شخصية (عنتر شايل سيفه) في فهم خاطئ لمعنى منح الصحافة مساحة من حرية النقد المُباح لكشف الحقائق أمام الرأي العام، وتنوير المسؤول والمُتلقي، وبين التعبير وحريته في وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنَّه الوحيد الذي يفهم في خفايا الأمور، ودهاليز السياسة والاقتصاد، وتركيبة المُجتمع، وما يصلح له وما لا يصلح، في وصاية من نوع آخر، وأفسد أنواع الوصاية على المُجتمعات - برأيي - هي (وصاية الصحفيين) فهم يملكون القلم واللفظ، ممَّا يُمكنهم من تغليف وجهات نظرهم بأساليب مُقنعة، وما أسهل وأسرع تغيير (وجهات النظر) والقناعات تبعاً لرياح (المصالح)؟!.
الصحافة ليست كلها مُشاغبات - بلا دليل - ومناكفات تهدف للإثارة، فالصحفي الذي نريده هو من يستعمل حقه الطبيعي في (النقد البناء) مُتمسكاً بآداب الاختلاف والحوار، مُتجنباً التجريح والتعريض عند طرح الرأي وتقديمه، مع عدم مُصادرة حق الآخرين في الرد، وكشف حقائق ربما غابت عن الأذهان، وهنا يبرز دور (المُتلقي الواعي) الذي بات مؤهلاً أكثر من أي وقت مضى، للتمحيص أكثر من التصفيق.
ما أحوَّجنا إلى المُحافظة على نبض الحس الصحفي (حيّ) بيننا، لنسمع الأصوات الجريئة والصادقة في الحق، ونستمتع بالمُمارسة الصحفية الحقيقية البناءة (كسلطة رابعة)، تعتمد على (الفطرة والضمير) في رؤية الأشياء بعين سليمة، وقلب يخفق بمخافة الله أولاً ثم حب الوطن وأهله..
عندها فقط سنضمن البحث عن الحقيقية وتقديمها بعيداً عن تلك (المناظير والتغريدات) المشوَّهة والمُتلوِّنة؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.