علي الصراف
عندما لا يملك المرء ما يكفي لتحليل عارف، فإنه غالبًا ما يلجأ إلى مشاعره. وهذه، بدورها، نوع آخر من «التحليل العارف» لأنها جمعٌ وتصنيفٌ لعناصرَ أخرى من الدلالات والمؤشرات.
وبعض من هذه المشاعر يقول:
1- إن جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بين ماليزيا وإندونيسيا وبروناي واليابان والصين والمالديف والأردن، تشكل منعطفًا استراتيجيًا تاريخيًا، سوف يترك آثارًا اقتصادية وسياسية كبرى على امتداد عدة عقود من الزمن. فثمة من الاتفاقيات والتوافقات ما يجعل الطريق التنموي العريض الذي تسلكه المملكة ذا أفق فسيح، لدولة ذات وزن دولي أكبر، وفاعلية أوسع، وشراكة أنجح. وثمة من المعاني السياسية ما يسمح بأن يجعل حدقة العين تتسع لترى عالمًا لم يظهر من ملامحه الأولى إلا القليل.
2- المملكة في ظل قيادتها الحكيمة تعرف جيدًا ما سوف يكون عليه الحال بعد خمسين عامًا على الأقل. اقرأ في تفاصيل البرامج والرؤى، وسوف ترى أنها تذهب إلى أبعاد غير مسبوقة عربيًا وغير مسبوقة إسلاميًا. وهذا ما سوف يعزز الريادة السعودية في عالمها، ويترك بصمات مؤثرة على محيطها الإقليمي كله. التخطيط للمستقبل، لم يبلغ في منطقتنا نضجًا ودراية وفهمًا للتوازنات بهذا المستوى من قبل.
3- نحن بصدد قوة اقتصادية تحتل مرتبة أعلى بين الأمم الأخرى. صحيح أن المملكة واحدة من أكبر 20 قوة اقتصادية في العالم الآن، إلا أنها، بما تخطط له من تغييرات بنيوية، وبما تمتلك من إمكانات فعلية، سوف تكون قوة أكبر.
4- الحرب التي تخوضها المملكة ضد الإرهاب سوف تتكلل بنجاح مؤزر. ليس لأن النصر سوف يتحقق على الجماعات الإرهابية عسكريًا وأمنيًا، بل لأنه سوف يتحقق فكريًا وسياسيًا واجتماعيًا أيضًا. وهذه قصة كبرى في الواقع. انظر كيف يواجه أبناء البلد الإرهاب والتعصب والتطرف، وسترى أن مجتمعًا قائمًا على الوسطية والاعتدال والتسامح هو الذي سوف ينتصر.
5- المملكة، كما دلت زيارة وزير خارجيتها اللافتة إلى بغداد، تسعى لتبني جسر إلى عراق آخر يطلُّ على ضفة أخرى.
6- التفاهمات الاستراتيجية التي يتم إرساؤها في العلاقات مع مختلف القوى العظمى تسمح بالقول إن مجتمعًا إقليميًا جديدًا سوف ينشأ على أسس التعاون والشراكة والبناء.
7- إيران سوف تعود إلى حجمها الطبيعي، ومشروعها الطائفي سوف يمنى بهزيمة منكرة، ليس بوصفه صنوا للإرهاب فحسب، ولكن بوصفه صنوا للفشل الذي لم يعد المجتمع الإيراني نفسه يتحمل مزيدًا منه أيضًا.
وسيكون لهزيمة هذا المشروع تداعيات وتأثيرات حاسمة هنا وهناك وهنالك على مواقع وأدوار كل الذين يدورون في فلك الخراب.
8- مشروع الدولة الوطنية، القائمة على العدل والمساواة واحترام الآخر، سوف يثبت أنه أقوى مليون مرة من كل مشروعات التفكيك والتدمير الداخلي للمجتمعات. وهذا ما سوف يكون له أثرٌ كبيرٌ جدًا على أداء كل دول المنطقة، سواء منها التي تعرضت لعصف الإرهاب أم التي لم تتعرض.
9- القيادة السعودية لمجلس التعاون الخليجي تسير في الطريق لبناء قوة اقتصادية واستراتيجية دولية وإقليمية سيكون لها اليد العليا في حسم عديد من المسائل الجوهرية في مسار العلاقات العربية - العربية. نحن هنا أمام قوة جذب جامعة، تريد الخير لها وللآخرين على حد سواء.
10- «أزمة الشرق الأوسط»، حتى وإن ظلت تدور وتدور حول خيارات وتعقيدات شتى، فإن الحل في نهاية المطاف هو حل المملكة. أولاً، لأنه الأكثر توازنًا، والأكثر توافقًا مع المستقبل المطلوب. وثانيًا، لأنه يُرسي أسسًا لعالم «ما بعد الأزمة» بدرجة لن تسمح، لا للولايات المتحدة ولا لإسرائيل ولا لغيرها من القوى ذات الصلة، بأن يفوتها القطار.
إنها مشاعر. نعم. ولكن خطوطها العامة متاحة في الكثير مما نراه ونعيشه الآن.