سلمان بن محمد العُمري
تبتلى بعض المجتمعات وعلى اختلاف الزمان والمكان بفئة من الناس من أصحاب الهمم الضعيفة والنفوس السقيمة الذين هم في الحقيقة عالة على مجتمعاتهم وليتهم بقوا على هذه العلل، فلا هم الذين خدموا مجتمعهم بما يفيد بأي إنتاج علمي أو أدبي أو اقتصادي أو اجتماعي، بل تراهم مع ضعف إنتاجهم ودعتهم وكسلهم وخمولهم جلسوا للناجحين المتفوقين بكل مرصد بهمزٍ ولمزٍ وطعنٍ وتشكيك لا يهنأ لهم بال إلا إذا أوسعوا غيرهم تشكيكاً وشتماً وطعناً بالقول والعمل، وربما أن بعضهم يجد لذة فيما يتجنى به على غيره، والبعض الآخر يلبس عمله لباساً دينياً وأن عمله قربة إلى الله، وهؤلاء يدور رحى الحسد عليهم حتى يمزّقهم في صحّتهم وفي دينهم ودنياهم نسأل الله العافية.
وهذه الفئة التي تعيش في الحضيض من داء الحسد لو فرغت نفسها لما ينفعها في دينها ودنياها لتسنّموا الذروة والعلو والرفعة، ولكنهم فضّلوا أن يكونوا من الخاملين الهاملين، وفي ركود وجمود إلا من الأذى والحقد على الآخرين، وإذا كان كل زمان ومكان يحفل بأمثال هؤلاء فإنَّ كل مجال من مجالات الحياة يزخر بهؤلاء التعساء الأشقياء الذي لا هم لهم ولا مطامح سوى النيل من الآخرين والإساءة إليهم، وإذا ما نظرت إلى مراكز التجارة تجد من تفرغ للمبرزين في التجارة وأخذ يكيل لهم التهم والتجنّي عليهم بمصادر كسبهم والتشكيك فيها، وأنهم لجأوا إلى طرق غير مشروعة للكسب وغير ذلك من تهم باطلة، ولو وظّف هذا الكسول الخمول وقته وجهده للبذل والجهد والسعي في الرزق فلربّما كسب مثلهم وأكثر، ولكنه وقف على قارعة الطريق لا متفرجاً فحسب بل متندراً وساخطاً وناقماً وكأنّ الناس اعتدوا على ملكه، وهذا الحال وهذا الشأن السلبي نجده في دور التعليم، ونجده لدى بعض الدعاة، ونجده في مواقع كثيرة. ومصدر هذا الداء هو الحسد والعياذ بالله من المقصرين ويصدق عليهم قول الشاعر:
حسدوا الفتى إِذْ لم ينالوا سعيهُ
فالبعضُ أعداءٌ لهُ، وخصومُ
وحملات التشكيك والإساءة والطعن من هؤلاء الذين قصرت بهم همم في الخير، ونهضت في الشر أو غرّها الشيطان في نفوسهم المريضة. وكم من المبرزين والناجحين في مجالات متعدّدة نالهم ما نالهم من الأذى والوشايات فما وهنوا وما استكانوا وجعلوا من الحجارة التي يرى البعض أنها ستكون عائقاً في طريقهم جسوراً يمشون عليها للأمام.
واليوم ونحن نرى الثورة التقنية الحديثة في مجال الاتصال نرى أن الناجحين وظفوها في المزيد مما يخدم أهدافهم ومراميهم ويحقق الفائدة للآخرين، ولكن المرضى في الجانب الآخر استمرؤوا في غيّهم ووظفوا هذه التقنية لقذف هذا وشتم ذاك، والانتقاص من كل ناجح حسداً من عند أنفسهم وقلَّ من يسلم من هؤلاء ومن آذاهم، ولكن حسدهم سيعود عليهم وبالاً وللناجحين دعماً معنوياً في النمو والارتقاء وربما عزّز من مكانة هؤلاء الناجحين لدى مجتمعهم.
نسأل الله السلامة والعافية وسلامة الصدر، ونعوذ بالله من الحسد والداء الدفين.