أقول دائماً لكل خارج عن النسق: «إذا أردت أن تخرج عن النسق، فإما أن تخرج وتأتي بحداثة تستحق عناء المخالفة عن السائد والخروج عن المألوف، وإلا فالبقاء أسلم لك ولنا».
في السنتين الأخيرتين تقريباً انتشر في عالم الأدب كانتشار النار في الهشيم طريقة جديدة غير مألوفة في كتابة النص الأدبي، ولا يمكن تسميتها شعراً ولا نثراً ولا خاطرة، وهي ليست قصة ولا رواية ولا حتى رسالة، إنها طريقة في الغالب فوضوية، عبثية، كتابة حرة غير موجهة وغير مقيدة، حتى أن أصحاب دور النشر حيرهم الأمر في وصفها، فتركوا اسمها حراً كما هي طبيعة تلك النصوص، ووضعوا في زاوية كل كتاب يصدر بهذه الطريقة كلمة «نصوص» لتدل على طبيعته!
وحتى أكون منصفاً، فقليل منها جميل، غير أنني على قناعة بأن الكاتب المتمكن بإمكانه أن يكتب ما هو أجمل من هذه النصوص، ولكن لأن هذه النصوص كما أسلفت حرة جداً، فقد صارت سهلة جداً حد الابتذال، وبطريقة جعلت الكُتاب الذين يطرقون هذا النوع من الأدب ينتشرون بشكل مريع، فأختلط الغثاء بالسمين، والحابل مع النابل، ومن لم يكن كاتباً قبل اليوم، فقد صار كاتباً بين ليلة وضحاها. وليس سراً أن بعض كُتاب هذه النصوص قد جمعوا «تغريداتهم» عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير Twitter وبعثوا بها لإحدى دور النشر «المسترزقة» لينضموا للقافلة!
وكما وصف الدكتور عبدالله الغذامي نازك الملائكة ونزار قباني بالعلامتين الثقافيتين، إضافة إلى وصفهما بالظاهرتين الأدبيتين، وذلك قياساً بما أحدثوه في عالم الأدب من خلال كسر عمود النسق (الفحولي) بالشعر الحر، من خلال الإتيان بخطاب إبداعي جديد، تندرج تحته كل قوانين القوافي والأوزان والنغمات الموسيقية، إلا أنني لا أجد نفسي قادراً على وصف هذا النوع من الأدب بالثورة في عالم الأدب رغم انتشارها الواسع بين الكُتاب الشباب، لأنها لم تكن على قدر جمال الثورات الأدبية السابقة، ولا يمكنني اعتبارها إلا حالة ثقافية، ثم الوقوف على الحياد منها، غير متقبل بشكل كامل، وغير رافض على الإطلاق.
لكن على كل حال هي تجربة مازالت جديدة، وهي في الغالب مستقاة من التغريدات والتدوينات القصيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، لذا ربما من الأفضل أن أقول رأيي الخاص فحسب وأترك تقييمها للنقاد.
- عادل الدوسري