في حراكنا الفكري المحلي يبرز الرمز علماً لا يشق له غبار، فهو أحد أركان الفكرة إن لم يكن هو الفكرة ذاتها، في الجانب الآخر يتكاثر الأتباع ويتوالدون تحت تأثير حضور هذا الرمز وحراكاته الدورية المختلفة. ومع تزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي واتساع رقعة تأثيرها وانتشارها، أصبح الرمز يغرد وحيداً خارج أسراب الأتباع، أصبحت تغريداته توجيهاً، وسناباته خارطة طريق لأتباعه.
هذا الحضور الطاغي للرموز أفرز للحياة الفكرية وللمجتمع ظاهرة خطيرة تتمثل في نقص الوعي بالأمور المختلفة وبواعثها ونتائجها، وهنا يجب التفريق بين أمرين يتعلقان بالوعي، الأول توفر المعلومة وكثافتها كماً وكيفاً، والثاني إن هذا النوع من المعلومات يشتت الأفراد ويزيد من ترسيخ كثير من مفاهيمهم الخاطئة.
بعض الرموز يستخدم كثيراً من هذه المعلومات لزيادة مستوى الجهل وجعل فئام المجتمع تطرب لطرحه وترى فيه الخلاص المنتظر، والبعض الآخر يجيد اختيار تواقيت معينة ترفع من رتم التفاعل مع مثل هذه المعلومات وتزيد من مستوى التفاعل بين الرمز والأتباع.
السؤال المهم، لماذا هذه الفجوة بين الرموز والأتباع؟.. لماذا هناك فجوة في ردود الأفعال والتعامل مع المشكلات والمستجدات؟.. البعض يراه في العلم والخبرة اللذين يتمتع بهما الرمز وفي المقابل ينتفي هذا الأمر عند أتباعه، والأحداث والتعاطي معها تشير إشارات إلى أن الرموز لا يهتمون بزيادة وعي أتباعهم بقدر ما يسعون لوضع الأغلال
في عقولهم وجعلهم مجرد أدوات تخدم أفكارهم وتوجهاتهم.
شاهد ذلك حالة اللاوعي التي قد يمارسها الأتباع في الأزمات والتي قد تنعكس على الرمز ومسؤولياته الأخلاقية والمجتمعية.. أما سلوك الأتباع فهو محكوم بالرمز وتوجهاته وآرائه، الأتباع قد تغيبهم قدسية الرمز وتجعلهم أدوات يسخرها لمشاريعه الطموحة والتي تجعله قادراً على المناورة كراً وفراً تبعاً للمناخ العام وما يتطلبه من وسائل حضور وبقاء.
بشكل عام يظل الرمز مشغول بتلميع نفسه وزيادة سطوة حضوره وتأثيره، ووسائل التواصل الاجتماعي زادت هذا الحضور وأرشفته صوراً وفلاماً وكتابات، والأتباع في فلك الرموز يهيمون، منتهى تفكيرهم ما يقوله الرمز وما يؤمن به، فإن أصاب فهم شركاؤه في الأجر وإن أخطأ فلا تزر وازرة وزر أخرى.
- علي المطوع