يوسف المحيميد
أخيرًا أصبح الحلم حقيقة، ويمكن أن نصعد القطار من محطة الرياض إلى المجمعة والقصيم، وقريبًا حائل، ثم الجوف والقريات، هذا الذي حلمنا به منذ عشرات السنين، وكتبنا مرارًا عن تعثر التنمية في مسار السكة الحديد وتوقفها على خط قطار الأحساء والدمام، منذ الخمسينات من القرن الماضي، ومرور الخطط الخمسية، واحدة تلو الأخرى، دون أن تنظر في القطار الذي يغط في سبات طويل، حتى استيقظ أخيرًا في طريق طويل يبلغ نحو 1250 كيلو متر تقريبًا، وكما لو كان يقطع قارة بأكملها!
وحتى لو انتشر مقطع فيديو يسخر من بطء القطار، وتأخر وصوله المقرر في الرحلة الإعلامية التجريبية، وحتى لو كان المتحدث من إعلاميي التواصل الاجتماعي، علينا أن ندرك أن هذا الجهد الكبير، لتأسيس نقل عام متميز في المملكة، سواء في خطوط السكة الحديد، أو شبكات المترو في المدن الرئيسة، هو جهد عظيم يجب الوقوف معه حتى لو تأخر، ولو أصابته عثرات البدايات، لأنه مشروعنا وبابنا الحقيقي نحو المستقبل، فهل نترك الباب مقفلًا إلى الأبد، أم نفتحه على مهل ونسير بحرص وحب حتى نصل؟
هكذا علينا أن نفعل كتّابًا وإعلاميين، فلا يجب أن ننتقد مشروعات التنمية إلا بعد أن تأخذ وقتها الكامل في التشغيل، لأن الإدارة والتنظيم والتشغيل والصيانة مجالات مهمة مختلفة عن الإنشاء والتأسيس، فنحن أسسنا المشروع، ولكي نقوم بتقييمه يجب أن نتركه يعمل لسنة أو حتى سنوات، يتم خلالها معالجة أخطاء التشغيل ونواقصه، علمًا بأن الصور التي انتشرت لمحطات القطارات، والقطارات نفسها كانت لافتة ومتميزة، وربما أكتب مقالًا تفصيليًا لاحقًا بعد تجربة الرحلة على قطارنا الحلم.
أما فيما يخص أسعار التذاكر، فهي ليست باهظة كما يتخيل البعض، ولا يعني مقارنتها بالطيران تبريرًا كافيًا لارتفاعها، ففي كثير من الدول الأوروبية تبدو أسعار الطيران والقطارات متقاربة جدًا، لكن ما يعزِّز استخدام القطار في هذه الدول هو سهولة الذهاب للمحطة دونما حجز مبكّر، والحصول على مقعد للسفر إلى الوجهة المختارة قبل دقائق من انطلاق القطار، ولكن على إدارة شركة (سار) فيما يخص الأسعار أن تفكر بوضع أسعار خاصة للطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك للحجز المبكر غير المسترد، وما شابه ذلك، أسوة بما يحدث في الدول المتقدّمة، لأن ذلك يخدم فئات محدودة الدخل من جهة، ويمنح الشركة المزيد من مبيعات التذاكر، ووضع خطط جديدة وجيدة للتسويق حتى يصبح القطار، وكذلك المترو مستقبلًا، جزءًا من حياتنا اليومية.