«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
توصي وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية في «الجزيرة» بطرح النماذج المدعومة للمصانع الجاهزة، التي تقدمها هيئة المدن الصناعية «مدن»، في المجالات التي تحتاج الحكومة إلى تنشيطها، أو المجالات الصناعية بالمدن ذات الطلب الصناعي الضعيف؛ وتحتاج إلى إغراءات أو تحفيز إضافي. كما تقترح بتوجيه هذا الدعم الكبير في شكل نماذج جاهزة لاستغلاله بشكل مثالي في تحريك التنمية الصناعية في المدن الأقل نموًّا أو الأقل جذبًا للمستثمرين.
المصانع سابقة التجهيز
منذ سنوات والمملكة تطبِّق تجربة المصانع سابقة التجهيز كنظام فاعل ومعني بإعطاء دفعة قوية للاستثمارات، وخدمة أصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ تتولى تجهيز البنية التحتية بالكامل لهذه المصانع، بحيث يركز المستثمر فقط على عملية الإنتاج دون الحاجة إلى الدخول في إشكالات الموافقات والتراخيص والبناء والتصميم وغيرها.
ورغم أن هذا النظام حقق بعض النجاحات إلا أنه سار في منوال مبسط وضيق، ولم يكن ممنهجًا للاستفادة منه لتحقيق أهداف تنمية صناعية بعينها، بقدر ما كان إحدى أدوات التنشيط الصناعي عمومًا. وهنا يجب التساؤل: لماذا نطبِّق هذا الأسلوب المدعوم بتجهيزات البنية والتراخيص والموافقات؟ هل للتنمية الصناعية فقط؟ أم نطبقه للتنمية الصناعية بأهداف بعينها؟ بل السؤال الأهم: هل نحتاج إلى هذا الدعم الإضافي لكل المستثمرين الصناعيين؟ فهل من المنطقي أن نقدم هذا التميز في المحفزات لكل المستثمرين؟ بل هل يكون من المنطقي أن نقدمه لكبار المستثمرين مثلاً؟ وهل يجب تقديمه في مناطق صناعية عالية النمو والطلب الاستثماري؟ وهل نقدمه لكل الأنشطة التي قد تكون مدعومة بطبيعة مواردها وتميزها النسبي بالمملكة؟ إنها أسئلة عديدة ومتنوعة، نسعى للإجابة عنها.
أهمية المصانع الجاهزة
الأساليب التقليدية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لم تعد تلقى الاهتمام كما في الماضي؛ فتقديم الدولة التدريب أو التمويل أو المحفزات القديمة لتحريك الصناعات الصغيرة لم يعد كافيًا؛ لذلك ظهرت محاولات جديدة وغير تقليدية، من أهمها المصانع سابقة التجهيز، التي تستهدف تحريك وإنعاش النشاط الصناعي من الحجمَيْن الصغير والمتوسط وفي مناطق معينة. وإذا رغبنا في توصيف المصانع سابقة التجهيز فهي نماذج مدعومة للمصانع الصغيرة والمتوسطة. وهنا نخرج منها المصانع ذات الأحجام الكبيرة؛ لأنه ليس من المنطقي أن تقدم الدولة دعمًا بهذا الشكل لكبار المستثمرين الذين يفترض أن يساهموا في تأسيس البنية التحتية لأنشطتهم بأنفسهم. كما أن هذه المصانع الجاهزة هي لأنشطة لا تعتبر جاذبة بشكل كافٍ؛ وتسعى الدولة إلى تجهيزها السابق؛ لكي تحفز المستثمرين للاستثمار فيها.
أما الجزء الأهم فإنه يفترض أن هناك مدنًا ومحافظات معينة جاذبة بطبيعتها للمستثمرين؛ ولا تحتاج إلى أن تكلّف الدولة نفسها بتجهيز مثل هذه النماذج فيها. لذلك فإن هذه المصانع الجاهزة تُعتبر نموذجًا مثاليًّا لدعم وتنشيط الصناعة في المدن الأقل نموًّا.
النماذج المطروحة حاليًا من «مدن»
هيئة المدن الصناعية «مدن» تقدِّم نموذج المصانع الجاهزة كمثال لتسهيلات ودعم إضافي للمستثمرين الصناعيين لترغيبهم في النشاط الصناعي، وذلك في الجوانب الآتية: تتيح نموذجين للمصانع الجاهزة (700 متر2 - 1500 متر2)، تسمح بتأجير المصنع لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، يمكن زيادة مساحة المصنع الجاهز باستئجار مصنعين متجاورين بحد أقصى، أسعار التأجير تبدأ من 90 ألف ريال سنويًّا. كذلك بالإمكان الحصول على قرض من صندوق التنمية الصناعي، ويلتزم المستأجر بالتأمين على المصنع، فضلاً عن بناء المصانع الجاهزة بمعظم المدن الصناعية، ومنها ما هو تحت الإنشاء.
كم تكلفة المصنع الجاهز؟
لكي نوجِّه المصانع الجاهزة توجيهًا صائبًا ينبغي أولاً معرفة كم تكلفة النموذج الواحد. فهذا النموذج يتم تأسيس بنيته التحتية بالكامل لدرجة أن المستثمر لا يحتاج سوى إلى معداته وأدواته الإنتاجية للعمل خلال أيام قليلة، فضلاً عن نفقات بنية الكهرباء والمياه والغاز، والنفقات العالية للتشطيبات، وغيرها؛ وبالتالي فإننا نتحدث عن ملايين الريالات كنفقات لتأسيس النموذج الواحد.
لماذا السماح لمستثمر باستئجار مصنعين؟
هذا البند يعطي المستثمر حق تأجير مصنعين متجاورين بمساحة 1500 متر2، أي أن يحصل على مصنع بمساحة 3000 متر مربع. في اعتقاد وحدة أبحاث «الجزيرة» أن التكلفة المرتفعة المتوقعة للمصانع الجاهزة، ومن ثم قلة أعدادها المطروحة، توجبان إعادة التفكير في هذا البند؛ لأنه يحرم آخرين من التسهيلات أو الدعم الذي يعتبر نادرًا بطبيعته.