لبنى الخميس
كم كان عمرك حين سئلت لأول مرة.. ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ وكم مرة شعرت بالضغط والإحراج لأنك لا تملك إجابة جاهزة وواضحة؟ كم مرة اعتقدت بأنك نجحت في إيجاد شغفك ومعنى وجودك في الحياة من خلال إتقانك وتخصصك في مجال معين.. تسويق، هندسة، قانون أو إعلام، وفجأة تصاب بالملل وتبدأ بالشعور بالإحباط والاستياء؟ خصوصاً حين تدرك حجم الوقت والجهد وربما المال الذي أنفقته من أجل هذا التخصص وإتقان هذا المجال. ليطرح سؤال آخر نفسه «هل فيني شي غلط؟».. كونك غير قادر على الالتزام بشيء معين.. وأن الضياع عنوانك.. والحيرة سيدة مواقفك..
إذا كنت ممن شعر بهذه الأحاسيس وطرح هذه الأسئلة يوماً.. اسأل نفسك من الذي برمجك على منح معنى الضياع والتشتت لفكرة أنك تريد أن تتخصص أو تجرب أكثر من مجال؟ من برمجك هو ثقافة المجتمع.. التي تبدأ بسؤال الأطفال بعمر الخمس سنوات عن طموحاتهم حين يكبروا وتستمتع بإجاباتهم البريئة والجريئة (رائد فضاء، أو قرصان، أو لاعب كرة) ولكن مع مرور السنوات يخرج هذا السؤال من نطاقه الفضولي.. إلى حيز الضغط الاجتماعي.. المرتبط بقدرك ومعنى رسالتك واستخلافك في هذه الحياة.
لكن ما الحل إذا لم تكن تملك إجابة مباشرة في مجتمع يطالبك بجواب ورؤية دقيقة لمجال تخصصك؟ حتماً، ستشعر بالوحدة والضياع وضعف الثقة بالنفس «ايميلي وابناك.. التي تحب أن تعرف نفسها بأنها فنانة ورائدة أعمال ومتحدثة ومدربة وكاتبة.. خرجت بمفهوم جديد للشخص متعدد الاهتمامات والاحتمالات.. وهو ما كان متعارف عليه في العصر الذهبي للإسلام.. فابن سينا كان عالم رياضيات وطبيبا وفيلسوفا وموسيقيا. ايميلي لم تكتف باختراع المسمى بل أيضاً خرجت بثلاث مزايا للأشخاص متعددي الاحتمالات..
1 - الإبداع في مزج مجالين:
أولاً: الأفكار المبتكرة التي من الممكن أن يخرجوا بها نتيجة تداخل مجالين هم مبدعون فيهما، فتداخل مجالين يفتح آفاقا مذهلة للابتكار.. والمبدعون والشغوفون بمجالين يستطيعون أن يقتنصوا جمال وقوة كل مجال وإضافة لمسة جديدة ومبدعة لهما.
2 - سرعة التعلم:
الشخص متعدد الاهتمامات يتمتع بسرعة بديهة ورغبة عميقة للتعلم بشكل سريع.. كونه شخصا ملولا ويسعى إلى سبر الأغوار واكتشاف الأسرار على عجالة، بالإضافة إلى كونه معتادا على خوض البدايات.. ما يجعله يتمتع بشجاعة دخول معترك المجهول والخروج من منطقته راحته.
3 - القدرة على التأقلم:
عالمنا اليوم متسارع.. ومتعدد.. وشديد التطلب.. لذلك نحن بحاجة لمتعددي المهارات واللغات.. والقادرين على الجمع بين أكثر من تخصص والإبداع فيهم، والمثل المأساوي الذي تعودنا أن نسمعه ونتحسر عليه.. «سبع صنايع والبخت ضايع» يجب أن يتغير بناء على معطيات الواقع ويصبح «سبع صنايع والبخت رائع»!