فهد بن جليد
مؤخراً شاهدتُ (نقاشاً حاداً) كاد أن يتطور (لخناقة) في أحد الأماكن العامة بين شخصين لا يعرفان بعضهما، حيث اعترض الأول على تصويره من قبل الآخر بهاتفه الذكي، فيما يتمسك الأخير بحقه في تصوير نفسه في المكان.
من الصعب أن تعزلَ نفسك حتى لا تكون جزءاً من قصة يحبكها أحدهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، خصوصاً عندما لا تربطك به أي علاقة أو معرفة مُسبقاً سوى أنَّكما تتواجدان في ذات المكان.
تبدو المسألة (قانونياً) غير واضحة - على الأقل بالنسبة لي - لأنه ببساطة لم يتعمد تصويرك، وقصد توثيق تواجده في المكان عبر حسابه الشخصي، بكل تأكيد كان بإمكانه تجنب ظهورك إلا أنَّ هذا غير مُلزم حسب مُعتقدات (السناب والسلفي) التي يؤمن بها الكثير من حولنا، فالمسألة في نظري خاضعة لآداب وثقافة (التواصل الاجتماعي) التي لم نتفق عليها بعد، ولم نضع لها مناهج تُدرس لتضبط الأمر خصوصاً لدى الشباب والفتيات.
في زمن التكنولوجيا والإعلام الاجتماعي خصوصية الحياة الشخصية تلاشت مُقابل المُشاركة الاجتماعية والانفتاح المُتبادل بين مُعظم الأفراد، ولكن هذا لا يُلغي حق الآخرين في الاعتراض على اختراق حياتهم وتهديد خصوصيتهم بالظهور ضمن قصصنا الاجتماعية التي ننشرها لتُصبح مُتداولة - هكذا يعتقد مُعظمنا - ولكن الحقيقة مُغايرة فالخصوصية ماتزال حاضرة ومخفية في ذات الوقت كما سنرى؟!.
مُعظم المُتعاطين مع وسائل التواصل يعيشون نوعين من المُشاركة الاجتماعية ؟ قصص عامة (لحياة مُصطنعة ومثالية) تظهر عبر حساباتهم عندما يكونوا جاهزين للظهور، وهي التي تهدد الحياة الواقعية للمُحيطين بهم الذين يظهرون دون استعداد، وقصص (حياتهم الواقعية) التي يحجبونها عن النشر.
لنعود للقصة أعلاه، المُحيطين تدخلوا لإنهاء الخلاف بعد حذف المصور لمقطعه الشخصي، رغم أن لسان حال الجميع يلوم (المُعترض) الذي ظهر باعتراضه على اختراق خصوصيته الشخصية في حياته الواقعية وكأنَّه يعيش أيام الطيبين، فيما الحقيقة غير ذلك فربما أنه سيظهر في مكان آخر عندما يكون مُستعداً لنشر (حياته المُصطنعة) عبر حسابه، وعندها قد يهِّدد خصوصية شخص آخر؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.