عبدالله العجلان
إذا كان صحيحًا أن اتحاد الكرة تعمَّد تأخير البت في قضايا إيلتون والعويس وخميس إلى ما بعد مباراتي المنتخب أمام تايلاند والعراق؛ حتى لا تؤثر قرارات هذه القضايا على نفسيات لاعبي المنتخب، فهذا يعني أن القرارات نفسها هي من تتأثر بما يدور حولها من أجواء وضغوط، وربما تدخلات، بدلاً من اعتمادها أولاً وأخيرًا وباستقلالية تامة على اللوائح والأنظمة التي لا تفرّق بين لون وآخر، ولا بين صغير وكبير، ولا بين لاعب منتخب سعودي ولاعب منتخب إكوادوري..!
عقوبة المخالفين والمتلاعبين بالعقود والأنظمة وتطبيق اللوائح عليهم، سواء كان المخالف ناديًا أو لاعبًا أو وكيل أعمال أو كائنًا من كان، يجب ألا تتحكم في مضامينها وقوتها وضعفها الأهواء والانفعالات ولا الاجتهادات القابلة للتأويل والتشكيك، ولا يرتبط توقيتها بأحداث أو مناسبات غير معنية بها تنظيميًّا وقانونيًّا، وإلا سندخل في دوامة تأجيل وتعديل ثم حفظ وتسجيل ضد مجهول لا تنتهي.. ورأينا كيف أثار تأجيل إعلان حسم نقاط فريق الاتحاد إلى ما بعد مباراته أمام الفتح احتقان وسخط الجميع، واعتبار هذا التصرف منافيًا للعدالة وتكافؤ الفرص وأحقية أن يستفيد الفتح من إعلان قرار الفيفا فور وصوله لاتحاد الكرة.
إذا أراد اتحاد الكرة العمل بارتياح ونجاح واستقرار، ويكون موثوقًا به وبقراراته، فعليه اتخاذ قراراته وفق لوائحه دون النظر لأية حسابات أو ردود أفعال عاطفية انطباعية لا معنى ولا قيمة ولا أهمية لها..
عند التويجري الخبر اليقين!
لم يكن أكثر المتفائلين في نادي الرائد بعد صراع الهبوط المخيف الموسم الماضي يتوقع أن يتجاوز فريقه الكروي أزمة البقاء هذا الموسم بسلام، وأن يصل إلى مركز الأمان والاطمئنان في ترتيب الدوري قبل نهايته بست جولات. هذا التحول اللافت له أسبابه ومبرراته، ولم يكن ليتحقق بعد توفيقه الله إلا بوجود فكر إداري، نقل الفريق من التأزم والتدهور إلى الانفراج والتطور..
رئيس النادي عبدالعزيز التويجري هو سر هذه النقلة النوعية المتسارعة، وهو نفسه صاحب التجربة المثيرة في الرائد إبان فترته الرئاسية الأولى عام 2005 م على ما أعتقد؛ إذ استطاع انتشاله من دوري الدرجة الثانية ومن كثير من المشكلات الإدارية والمالية والفنية إلى الدرجة الأولى، ثم الصعود في الموسم نفسه إلى الدوري الممتاز؛ ما يعني أننا أمام نموذج إداري، يمثل العامل المهم والرئيس في التأثير القوي على مسيرة الأندية، تمامًا كما المجالات والإدارات والمؤسسات الأخرى، صغيرها وكبيرها. يتأكد هذا في الوقت الذي انشغلت واهتمت فيه الأندية بجمع الأموال، وجعلتها الكل في الكل، ومصدر الإنجازات أو عدمها، ليس للارتقاء بالأندية إدارة وممارسة ومنشآت، وإنما لمجرد الإنفاق بتباهٍ على صفقات وتعاقدات ومكافآت هي للتبذير وتخريب اللاعبين والمدربين أقرب من أي شيء آخر..
ما حدث للرائد في غضون شهور قليلة من غربلة شاملة وإعادة بناء وتجهيز فني وعناصري واسع، رغم إيقاف حساب النادي وتعثر المنشأة وسلبية الهيئة واتحاد الكرة وعزوف أعضاء الشرف باستثناء المبادر بسخاء موسى الموسى، وما تحقق له في العقد الماضي تحت إدارة الرئيس الذهبي عبدالعزيز التويجري، يجسد حقيقة أن للتميز الإداري قيمته، وأن أنديتنا لا تعاني من الشح المالي كما يتردد ويروج، بل من غياب الفكر الإداري القادر على إدارة شؤون النادي بأقل تكلفة، وكذلك الإنفاق بإقناع وبطريقة صرف مبررة ومجدية، تجعل النادي جاذبًا للداعمين، إلى جانب إبعاده عن هموم وضغوط الديون، وما يترتب عليها من قضايا مزعجة ومحبطة للنادي وجماهيره على الصعيدين المحلي والدولي..
# لكل الأندية والاتحادات واللجان: تأملوا ما جرى ويجري في نادي الرائد، وكيف انتقل بالفكر الإداري من فريق متهالك، يصارع على البقاء، إلى فريق آخر يبدع يمتع، وتعلموا من الجنتلمان عبدالعزيز التويجري فن ومهارة الإدارة بعيدًا عن التهريج والتأجيج والتلاعب بمشاعر الجماهير بادعاء المظلومية وتكريس نظرة المؤامرة.. احرصوا على استقطاب العقول النيرة والكوادر المؤهلة؛ فهي بفكرها وعطائها وحماسها قادرة على قهر الظروف وصنع الإنجازات.