جاسر عبدالعزيز الجاسر
على مدار اليومين الماضيين تحدثنا عن ورطة الأكراد التي تمثلت في استغلال الدول الإقليمية لهم، موظفة بعضاً منهم لتنفيذ أجنداتها التي في معظمها إن لم تكن أساسها إلغاء وحرمانهم من حقوقهم وتحقيق حلمهم في إقامة الدولة الكردية.
فالأكراد وكما سردنا بعضاً من الوقائع يحاربون بالوكالة عن إيران وعن تركيا وحتى عن سوريا، وفي أوائل القرن الحادي والعشرين من عام 2003 اكتشفوا عداء وعمل نوري المالكي ضدهم، وأنهم كانوا (سيف) التحالف الشيعي للنيل من العرب السنة الذين يشاركونهم في المذهب.
الأكراد تصوروا أنه يمكن للحلفاء الإقليميين سواءً كانوا فرساً إيرانيين أو أتراكاً بل وحتى سوريين وعراقيين من جماعة المعارضة الشيعية أن تساعدهم في تحقيق أحلامهم، ورغم أن أي قارئ أو سياسي يعرف أنه لا يمكن لتركيا أن تقبل أن يكون للأكراد دولة، كما أن إيران سواءً في حكم الشاه أو ولي الفقيه خميني أو خامئني لن يسمحوا أن يكون للأكراد كيان أو دولة وهو ما يراه السوريون، وإن فرضت الأوضاع والمتغيرات على العراقيين أن يسلموا بالأمر الواقع الذي فرض دولة كردية في طريقها للتأسيس، ولعل السياسيين الأكراد يفيقون ويعون تماماً أن من تحالفوا معهم من الحلفاء الإقليميين جميعهم تآمروا عليهم وأفشلوا كل ما قام ويقوم به الأكراد لإقامة دولتهم، وكل ما يهدف إليه هؤلاء الحلفاء هو استغلال وتوظيف الأكراد لخدمة أهدافهم، ولعل المعارك المحتدمة هذه الأيَّام بين فصائل العسكريين والصراعات السياسية بين الأجنحة الكردية توقف الأكراد من (ورطة العمالة للآخرين)، ولعل ما يدور من معارك في سنجار بين وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني التي اشتبكت مع قوات البشمركة (الجيش الوطني الكردي) يظهر إلى أي مدى يوظف أعداء الأكراد أنفسهم لخدمة أغراضهم.
مسعود البرزاني والأكراد وجميعاً سواء شطر أربيل أو السليمانية يعرفون أن نوري المالكي يعد أكثر أعداء الأكراد حتى أكثر من صدام حسين، ففي عهد نوري المالكي قطعت الرواتب من إقليم كردستان ورتب العديد من المؤامرات عليهم آخرها إبعاد الوزير الكردي هوشيار زيباري.
نوري المالكي هذا لا غيره هو الداعم المحرك لوحدات حماية سنجار (الكردية) كيف..؟
يقول قيادي في حزب الدعوة الإسلامي العراقي الذي ترأسه نوري المالكي الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الجمهورية في حديث خص به الزميلة (الشرق الأوسط) مفضلاً عدم نشر اسمه (ان وحدات حماية سنجار أسست من قبل حزب العمال الكردستاني بطلب من نوري المالكي. وبالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني وأن الهدف من هذه القوات هو ضمان سيطرة الحشد الشعبي على الطريق البري الرابط بين العراق وسوريا، لأن هذا الطريق استراتيجي ومهم جداً، ويخشى ملالي إيران وعملاؤهم في العراق وكبيرهم نوري المالكي من نفوذ البشمركة التابعة لإقليم كردستان في هذه المنطقة، إِذْ سبق أن طلبت طهران من أربيل رسمياً ولعدة مرات من حكومة إقليم كردستان أن تفتح لها الطريق لنقل الأسلحة إلى سوريا لدعم نظام بشار الأسد والمليشيات الطائفية والحرس الثوري الإيراني، إلا أن أربيل رفضت هذا المطلب في كل مرة.
والآن وبعد المعارك بين فصيلين كرديين يأمل نوري المالكي أن يتيح ذلك لقوات (الحشد الشعبي) التي هي قوات طائفية تتلقى أوامرها من طهران (تسمع كلامه) أن يَتمَّ تكليفها لحفظ الأمن والنظام في جبل سنجار وفي المناطق التي حوله، مما يجعل الطريق الاستراتيجي الرابط بين العراق وسوريا تحت سيطرة عملاء إيران.