د. أحمد الفراج
لا يوجد في الأفق ما يشير إلى أي انحسار، في الحرب المستعرة حاليا، بين الرئيس ترمب وإدارته من جهة، وبين اليسار الأمريكي والإعلام، بل إن هذه الحرب زادت اشتعالا، بعد أن ألقى ترمب خطابه التصالحي في الكونجرس، وظن أن هذا الخطاب سيكون بداية لعلاقات جيدة مع خصومه، ثم تفاجأ في اليوم التالي بجريدة الواشنطن بوست تنشر تقريرا عن تواصل وزير العدل، جيفري سيشون، مع الروس، وهو التقرير الذي طار به الإعلام، وأعاد الحرب جذعة على ترمب بشكل لم يسبق له مثيل، إذ تسابقت وسائل الإعلام على النبش في كل مكان، ونشر كل ما من شأنه أن يصب الزيت على نار العلاقة المتردية، بين ترمب وخصومه.
الرئيس ترمب، وحسب مصادر كثيرة، غضب غضبا شديدا على هذا التسلط الإعلامي عليه ، فابتعد في منتجعه، بولاية فلوريدا، ثم انفجر عبر حسابه الشخصي على تويتر، وكتب عدة تغريدات نارية، متهما الرئيس أوباما بأنه استخدم سلطاته للتجسس عليه، وهو اتهام خطير، لم يستطع ترمب إثباته حتى الآن، وحينها صرح مسؤولون كبار في الاستخبارات بأن اتهام ترمب لأوباما ليس له ما يسنده، ثم طلب مدير المباحث الداخلية (الاف بي آي من وزارة العدل أن تنفي ادعاءات ترمب ضد أوباما، وهو الأمر الذي رفضته وزارة العدل، وهذا أمر متوقع، فوزير العدل، جيف سيشون، هو أحد أهم أنصار ترمب والمقربين منه، كما أنه هو ذاته في ورطة كبرى، بعد كشف تواصله مع الروس، ولا جدال أن هذا الاتهام، الذي ساقه ترمب ضد أوباما، يعتبر تدخلا في عمل الاستخبارات، خصوصا وأنه لم يصدر من جهة رسمية تابعة لإدارة ترمب، بل صدر من ترمب ذاته، عبر تغريدات على حسابه في تويتر!. أقطاب الحزب الجمهوري في الكونجرس، مثل السيناتور جون مكين، والسيناتور ليزلي قراهام، ومعهم مجموعة لا يستهان بها، في مجلسي الشيوخ والنواب، يعيشون أوقاتا عصيبة، فالموقف الحاد من روسيا يعتبر عقيدة جمهورية، لا يمكن التهاون بها، وفي ذات الوقت، فإن الرئيس ترمب جمهوري، ينتمي لذات الحزب، ولكنه يتعامل بنعومة مع روسيا، ومع زعيمها الحديدي بوتين، والزعماء الجمهوريون متماسكون حتى الآن، حفاظا على سمعة الحزب، لأن أي ضرر يقع على ترمب، سيتسبب في تصدع الحزب، وبالتالي خسارته للكثير من المواقع التي يتسنمها الجمهوريون، سواء على المستوى الفيدرالي، أو الولايات، ولذا تجد تصريحات أقطاب الحزب الجمهوري مرتبكة، ومشتتة، ويظل السؤال : ما هو مستقبل هذه الحرب الضروس، بين ترمب والإعلام، وماذا تخبئ له الأيام، وإلى متى سيتواصل تماسك الجمهوريين في دعمهم لترمب، وهذا ما سنواصل الحديث عنه.