«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تشهد مختلف دول العالم حوادث مرورية خطيرة، بل مميتة، وخصوصًا في الدول التي تتسم بمساحات كبيرة، مثل أمريكا وروسيا وأوروبا والمملكة والصين وأستراليا والهند.. إلخ؛ بسبب «الشاحنات المميتة». والشاحنات الكبيرة، بل الضخمة، تكون أكثر شراسة ووحشية أمام السيارات الصغيرة؛ فعندما ينام بعض سائقي هذه الشاحنات، أو تأتيهم غفوة مفاجئة، راحت السيارة الصغيرة وركابها كما يقال «وطي»؛ فتدهسها وتحطم عظامها وعظام ركابها. مشاهد مؤلمة نشاهدها في تقارير وتحقيقات الصحف المحلية والعالمية، تنقل لنا جوانب عن حوادث «الشاحنات القاتلة»؛ لذلك على سائقي هذه الشاحنات أن يكونوا على دراية ومعرفة بأنهم يقودون مركبات مختلفة، بل تعتبر باعثًا على المخاطر العظيمة التي قد يتسببون فيها إذا لم يتقيدوا بتعليمات وإجراءات السلامة المختلفة.. فسياراتهم وشاحناتهم الكبيرة خطيرة جدًّا على الطرقات، وعلى الأخص في الطرق الدولية ذات المسافات الطويلة التي قد تستغرق منهم أيامًا مع لياليها لقطعها. فلنتصور شاحنة قادمة من الإمارات وهي تحمل ما تحمل من بضائع، يجب أن تُسلَّم في أقرب فرصة لصاحبها في جدة، أو في بيروت، أو إسطنبول؟! والعكس صحيح..
قبل عقود أعددتُ تحقيقًا مباشرًا ومصورًا مع قادة الشاحنات في طريق البطحاء وسلوى مرورًا بالأحساء، نُشر في حينه في الصحيفة التي كنت أعمل بها سابقًا، وما زلت أذكر أحاديث السائقين معي عن معاناتهم من طول المسافة، ومن متاعب الطريق، وحتى عدم اهتمام وتركيز البعض من قادة السيارات الصغيرة، الذين يرتكبون أخطاء خلال قيادتهم؛ ما قد يؤدي إلى كارثة عندما يتعلق الأمر بزيادة سرعتهم أو تجاوزهم خلال مرور الشاحنات، وبدون أن يضعوا في حسبانهم قدوم سيارة أخرى في المسار ذاته، وهنا قد يضطر قائد الشاحنة الثقيلة للهروب أو الانحراف بعيدًا عن السيارة المتجاوزة؛ ليتيح لها فرصة النجاة من السيارة القادمة، وهنا قد يتسبب ذلك في وقوع حادث للشاحنة، التي عادة تكون محمَّلة بحاوية كبيرة أو بضائع ثقيلة.
وفي السنوات الأخيرة تضاعفت حوادث الشاحنات لانشغال قادتها بهواتفهم في المحادثة، أو عبر كتابة الرسائل النصية.. والحادث يقع عندها - لا قدر الله - خلال لحظات. وتعود حوادث الشاحنات القاتلة إلى عدم أخذ قادتها قسطًا كافيًا من النوم، وحتى الراحة؛ بسبب عدم تقدير أصحاب الشاحنات من شركات ومؤسسات أو حتى أفراد وضع سائقيهم وراحتهم وصحتهم.. فالمهم أن تصل شاحنته في أسرع وقت، وخلال يوم أو يومين بالكثير، متناسين أن قائد الشاحنة هو إنسان بحاجة إلى الراحة والنوم كفاية؛ حتى لا يغفو أو ينعس.. أو بصراحة ينام على مقود شاحنته؛ فيتسبب في كارثة مرورية وحادث مأساوي في الأرواح والممتلكات..؟!
ولا يمكن أن نتجاهل أن بعض الشاحنات والمركبات الكبيرة أشبه بالمقطورات التي تحتاج إلى أن تتقدمها سيارة مضيئة للتحذير والتنبيه، كما كانت تفعل شركة أرامكو السعودية عندما تعبر سياراتها الطرق الدولية.. أو على الأقل سيارة مرور أو شرطة؛ فحجم ووزن الشاحنات المستخدمة في النقل التجاري والاقتصادي والشحن له علاقة بوقوع بعض الحوادث في حالة عدم التقيُّد بتعليمات السلامة والقيادة المتميزة والدقيقة. كذلك يهمل أصحاب الشاحنات والمقطورات والمركبات الكبيرة والضخمة بتسليمها لسائقين لا خبرة لديهم في قيادتها.. فالمهم عنده رخصة لقيادة شاحنة بدون أن يحظى بتدريب ممتاز وإلمام تام بأصول القيادة المثالية للشاحنات حفاظًا على سلامته وقيادته والآخرين. ولنكُنْ صادقين.. طرقنا الدولية ما زالت تعاني من ظاهرة حوادث «الشاحنات القاتلة».. فمتى تنتهي هذه الحوادث..؟!