يوسف المحيميد
صباح الثقافة ورائحة الكلمات والحبر والتشكيل والقهوة والحوار الحر!
صباح الرياض أخيرًا...
من يتوقّع أن هذه هي الرياض، المدينة المتجهمة التي كانت تشبه امرأة عسراء، لا تعرف الحب والابتسام؟ من كان يتوقّع أن رياض 2017 ستصل إلى هذا الجمال والأناقة، تخرج من حدث ثقافي، لتشتبك مع حدث ثقافي آخر؟ تخرج من المهرجان الوطني للتراث والثقافة، لتعانق فعالية (تراثنا حبنا) في دورته الثالثة، ثم نغمات ثقافية، ومسابقات للأفلام القصيرة بمركز الملك فهد، وأخيرًا هذه الأيام تحتفل الرياض بمعرضها الدولي للكتاب، بلحظاته الجميلة ومحاضراته ومعارضه في التشكيل والخط العربي وغيره، حتى لا تكف الرياض عن الابتسام بخفر وجمال!
لقد ظللنا لسنوات طويلة نسافر إلى مختلف دول العالم، وحين نجلس في ناصية مقهى مفتوح على الشارع والحياة والهواء الحر، نتنهد بحسرة، كيف لا نمتلك مثل هذه الحياة الجميلة البسيطة في مدينة لا ينقصها شيء، ولا تحتاج إلا إلى قرار يمنحها الحياة، يحولها من تمثال جامد لا يمتلك الروح، إلى مدينة حيَّة بروحها ومهرجاناتها ومعارضها، مدينة تمنح الطاقة للحياة وللكتابة والإبداع، مدينة تمتلك كل مقومات الجمال، مدينة لها من اسمها نصيب، رياض الثقافة والفكر والفنون.
مع ذلك، أعتقد أننا لم نزل في الخطوات الأولى، ولا بد أن تقود (الرياض) العواصم العربية قريبًا، على المستوى الثقافي كما هي على المستويين السياسي والاقتصادي، وذلك حين تتحوّل الجهات المسؤولة عن الثقافة إلى جهات فاعلة ونشطة، كأن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بأدوارها كاملة، ولا تكتفي بمعرض الكتاب الذي يعد مكسبًا متحققًا منذ سنوات طويلة، بأن تؤسس المكتبات والمراكز الثقافية في الأحياء، وتقوم بتعاون وتكامل مع هيئة السياحة والتراث الوطني، ومع هيئة الترفيه، ومع القطاع الخاص أيضًا، لتحقق الكثير مما نحلم به، وتتحول سخريتنا القديمة من عبارة: أين تذهب هذا المساء؟ حين نعلق بأننا لا نملك سوى مطاعم الوجبات السريعة والمولات للتنزه، إلى عبارة صادقة، لما نجده من حيرة حقيقية في التردد حيال أي نشاط ثقافي وفني وسينمائي نذهب إليه في مساءات الرياض الجديدة!
هي الرياض إذن، تسير إلى المستقبل بخطوات وثابة، تسير بثقة وروح شابَّة نحو رؤية جديدة في العام 2030، حين تكتمل مقوماتها وبنيتها الجديدة، بوجهها المضيء الذي يحمل الثقافة والفن والمترو الذي يفتح أذرعه الطويلة لما يقارب عشرة ملايين نسمة!