مساجد الطرق في المملكة لا تعكس أهمية المسجد في الإسلام؛ فهي تفتقر للنظافة والصيانة، ومصدر إزعاج للمصلين بسبب مشكلات دورات المياه الملحقة بها.. وبالرغم من وجود العديد من المشاريع التطوعية والمبادرات الرامية للاهتمام بمساجد الطرق إلا أن هذه الجهود تفتقر للعمل المؤسساتي المستدام تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية.
ولنأخذ واقع مساجد الطرق وآلية الاهتمام بها من زوايا عدة؛ لنصل إلى النتيجة المهمة نحو مفاهيم الاستدامة في العناية بمساجد الطرق:
أولاً: دافع مساجد الطرق:
- الإهمال لغالبية المساجد وتدني مستوى النظافة.
- دورات المياه تفتقر للحد الأدنى للاشتراطات الصحية.
- الأتربة وسوء إدارة النفايات والمصاحف الممزقة سمة غالبة في هذه المساجد.
- غياب الهوية الهندسية والبيئية لمساجد الطرق.
- مفاهيم الصيانة والإدارة لشؤون مساجد الطرق ليست في خارطة إنشائها؛ الأمر الذي رفع من مستوى سوء أوضاع المساجد.
- تبني هذه المساجد كأحد اشتراطات إقامة محطات الوقود في الطرق وأماكن الاستراحات والمرافق التابعة لها وفق معايير لا تحقق الاستدامة لهذه المنشآت.
وفقًا لهذه المعطيات أضحت هذه المواقع لا تعكس أهمية المسجد في الإسلام. وما يحز في النفس أننا في المملكة (الدولة الإسلامية التي تطبّق الشريعة الإسلامية السمحة في شؤونها كافة) يكون واقع مساجد الطرق بهذه الحال، واقعًا أدى إلى هجرة هذه المساجد، وأداء الصلاة خارجها. وعدم العناية ببيوت الله مظهر غير لائق إطلاقًا في المجتمع السعودي ذي الهوية الإسلامية التي يفتخر بها، ويحمد الله على نعمة الإسلام، ويتجه إلى المولى - سبحانه وتعالى - خمس مرات لتأدية أهم أركان الإسلام ممثلاً بإقامة الصلاة في المساجد.. فأي مجتمع نكون ومساجدنا بهذه الحالة؟.. وماذا سوف يأخذ الزائر المسافر عبر الطرقات الطويلة الإقليمية من فكرة عن واقع مجتمعنا الإسلامي من خلال واقع مساجدنا التي يشاهدها، والتي لا تتفق مع أهمية المسجد في الإسلام، وأهمية النظافة والحفاظ على رقي الإنسان وسلوكه تجاه الموارد وفقًا للتوجيهات الإسلامية في هذا الجانب؟
ثانيًا: الواقع المؤسساتي للعناية بمساجد الطرق
- عدم وجود مرجعية مؤسساتية تُعنى بهذه المساجد، التي تفرقت وشاعت بين الشؤون الإسلامية والشؤون الاجتماعية.
- ظهور العديد من المبادرات الفردية والمؤسساتية المحدودة من الغيورين والمهتمين بشؤون المسلمين من أبناء البلد - جزاهم الله خيرًا - للعمل على صيانة بعض المساجد.
- عدم وجود استراتيجيات واضحة نحو الاهتمام والعناية باستدامة إدارة وتشغيل وصيانة مساجد الطرق.
- ليست المشكلة في بناء مساجد الطرق، ولكن المشكلة تكمن في مدى توافق هندسة البناء مع آلية تشغيل ومفهوم تشغيل هذا المرفق المهم في حياة المسلم، وكذلك مرحلة ما بعد البناء.
والسؤال المهم الذي يشغل أذهان الجميع: لماذا لا تكون المساجد في المملكة نموذجًا يحتذى به في الدول كافة؟ ما الذي ينقصنا في هذا الجانب؟
هذه التساؤلات تقودنا إلى أهمية وضع خارطة طريق للعناية بالمساجد في الطرق على وجه التحديد لاستدامة صيانتها وتشغيلها وفق الهدف المهم لنشاط المسجد في حياة المجتمع المسلم، وأن يكون ذلك وفق استراتيجية تنظم إدارة مساجد الطرق، على أن تتبنى الاستراتيجية تحقيق الاتجاهات الآتية لضمان جودة إعمار مساجد الطرق وإدارتها لتحقيق أهدافها، وذلك وفقًا لما يأتي:
- عدم الموافقة على بناء أي مشروع لبناء مسجد في الطرق إلا وفق آلية توضح إدارته وصيانته وضمان استدامة تشغيل المقر، سواء في محطات الطرق أو عن طريق فاعلي الخير المتبرعين ببناء المساجد.
- إعداد نماذج هندسية بمساجد الطرق، يراعى فيها الشكل العام للتصميم واستخدام الطاقة الشمسية في الإنارة وخزائن المصاحف وأماكن وضع الأحذية، وأن يكون بجوار كل مسجد حديقة صغيرة.
- إدارة المياه مهمة وضرورية في الجانب الهندسي لعمارة مساجد الطرق؛ فيتم فصل أماكن قضاء الحاجة نهائيًّا عن المسجد بمسافة، والإبقاء فقط على أماكن تجديد الوضوء، وأن يتم إعادة تدوير هذه المياه في ري بعض الأشجار التي يتم تنسيقها وفق التصميم الهندسي للمسجد؛ لتكون أماكن استراحة جميلة بجوار المسجد، يستفيد منها المسافر.
- إخضاع التنظيمات والمبادرات الخاصة بالعناية بالمساجد كافة لمرجعية مؤسساتية في الدولة، وتوجُّه الجميع للنهوض بالعناية بالمساجد وفق استراتيجية مستدامة لإدارتها.
- على أجهزة الرقابة والمتابعة على المحطات والاستراحات في الطرق متابعة مساجد الطرق لها؛ فهي جزء من هذه الأماكن كمضخات الوقود والمطاعم ومحال بيع المواد الغذائية في هذه الأماكن.