سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل العجلة فطرة في الإنسان؟ أهي موجودة معه منذ اللحظات الأولى من تكونه وتشكله؟ أم صفة تكتسب؟ أيمكن أن توجد عند أشخاص دون أشخاص؟ وكيف نتعامل معها؟
هذه بعض التساؤلات عن هذه الكلمة «العجلة» ولعل المقال يوضح موقفي منها.
يبدو من وجهة نظري أن «العجلة» صفة كامنة في بني البشر، فهم يخلقون حاملينها، وهي من شيم النفوس.
قال تعالى {خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}
وَمِمَّا جاء في تفسير هذه الآية قول بعض أهل التأويل: «معناه من عجل في بنيته وخلقته، كان من العجلة، وعلى العجلة».
وقال آخرون: «لما نفخ فيه الروح في ركبتيه ذهب لينهض، فقال الله: {خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}.
وهذه الآيات تدل على ما ذهبت إليه، وكذلك فإن أعظم خلق الله نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أمر بعدم العجلة.
قال تعالى : {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
هذا الخطاب الرباني موجه لأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، وفِيه أمر كما ذكر أهل التفسير بعدم العجلة، أي لا تحرك لسانك بالقرآن لتعجل به.
ولا أكاد أتصور أحدا لا توجد عنده هذه الصفة، وإن كان بنِسَب مختلفة.
ولا أخفيكم وقعت لي في الأيام المنصرمة قصة بسبب «العجلة»، بدأت حين قرأت تغريدة لإحدى الناشطات في تويتر تعلن فيها هاشتاقا يطالب بعدم تهميش وظيفة مربية المنزل، فللوهلة الأولى بدا الأمر متناقضا كون صاحبة هذه الحملة موظفة، وهاهي تنادي بحملة ترفع فيها من شأن وظيفة مربية المنزل التي ترى أنها همشت في وقتنا الحاضر، وهذا سبب عندي اضطرابا في الفهم، فضلا عن الخطابات التي أسمعها في مختلف وسائل التواصل، وبعض القنوات التلفزيونية التي ترى أن مكان المرأة هو المنزل، ولعل هذه الترسبات السابقة تفاعلت مع التغريدة مسببة خلطة « العجلة» مما جعلني أرد على هذه التغريدة، ولكن صاحبة التغريدة وجهت لي سؤالا أبطل مفعول هذه الخلطة، فكان السؤال كالتالي: هل قرأت هدف هذه الحملة؟ فإن لم تقرأه فهو موجود برسم انفوجرافيك مع التغريدة، وبالفعل لما قرأته اكتشفت أنني تعجلت بالرد على التغريدة مما جعلني أتراجع عنها فورا، ولا تأخذني العزة بالإثم، وقدمت اعتذاري للناشطة الفاضلة.
هذا الموقف جعلني أقف مع نفسي كثيرا مع هذه الصفة «العجلة»، وعقدت العزم على محاولة السيطرة عليها حتى لو كانت من شيم النفوس، فسأحيا حياتي محاولا كبح جماحها، وأنا مصمم على السيطرة عليها.
حري بِنَا السيطرة على صفة «العجلة»، ولو لم نستطع فلا نتماد، في مواقفنا، بل نرجع لرشدنا وهذا قمة الوعي، ويتحتم علينا أن نبقي الوعي حيّا.
Keep awareness alive
أخيرًا:
سأحور مقولة مالك بن نبي «ألا قاتل الله الجهل» لأقول: «ألا قاتل الله العجلة».