يوسف المحيميد
قبل عام كتبت عن رعونة سائق عند إشارة مرور في الرياض، وكيف كان يخترق النظام أمام رجل المرور الذي لم يملك من الأمر شيئًا، وذكرت أن مهابة رجل المرور انتهكت تمامًا قياسًا بمرحلة الثمانينات وما قبلها، حينما كان المرور يملك اتخاذ كل القرارات القوية التي تجعل قائد المركبة يفكر ألف مرة قبل ارتكاب الخطأ، فنتج عن ذلك جيل مسؤول تجاه مجتمعه ووطنه.
قبل أسبوع انتشر فيديو مصور لمشهد مؤلم في جدة يظهر فيه سبعة رجال على دراجاتهم النارية وهم يصدمون رجل أمن بزيه الرسمي ويدهسونه بإصرار وتعمد، مرات عدة، وأمام الملأ، حتى كأن المشهد لا يمكن الجزم بأنه هنا، في هذه البلاد، لما فيه من رعونة وتجني وإجرام، ولولا تصريحات الجهات الأمنية بالحادثة، ومن ثم التصريح بالقبض على الجناة، واحدًا واحدًا، لتوقع غالبيتنا أن هذا الحدث لا يوجد في المملكة، وإنما في دول أخرى.
ولعل المطمئن في الأمر أنه لم تمض أيام إلا وتم القبض على الجناة السبعة واحدًا واحدًا، والإعلان عن أسمائهم وصورهم، ولكن هذا لا يكفي مطلقًا، ولا تكفي محاكمتهم فحسب، وإنما يجب إيقاع أشد عقاب عليهم، وإعلان عقوبتهم على الملأ، كما فعلوا جريمتهم على الملأ، وبلا أي تردد، ولا رادع قانوني أو أخلاقي أو إنساني، وربما لولا الفتاة التي صورت المشهد، وقامت ببثه في وسائل التواصل الاجتماعي، لما عرف الناس ولا الجهات الأمنية المختصة، تفاصيل هذا الجرم الكبير.
صحيح أن هذا الفعل الخارج عن مألوف مجتمعنا، وأعرافه وتقاليده، لا يمكن التهاون بحدوثه لأي مواطن أو وافد، لكن الموقف يزداد حدة في عدم التهاون مطلقًا عند حدوثه مع رجل أمن، أي الرجل المسؤول عن أمننا، فكأنما هو الجدار الأخير، حالما يسقط، تتحول الحياة المدنية الطبيعية إلى حالة فوضى عارمة.
لا يمكن قبول سقوط رجل أمن في الشارع، لأنه يمثل نموذجًا أعلى لحماية الناس والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، فسقوطه ببزته الرسمية يحتاج إلى وقفة جادة وحازمة.