عمر إبراهيم الرشيد
سمي المسرح (أبو الفنون) لأنه أساسها والشجرة التي تفرعت منها أغصان الفنون وكانت بدايته من الإغريق، إذ كان الهدف من العروض المسرحية حينذاك إعلاء القيم وتعزيز الأخلاق. وسمي بهذا الاسم كذلك لأن التمثيل على خشبة المسرح يتطلب مهارات ومعارف فنية وثقافية أكبر لأن المؤثرات أقل منها في السينما والتلفاز ولأن الجمهور حاضر فعليا، مما يتطلب الحذر والتمكن من الدور والحبكة وتلافي الأخطاء قدر الإمكان. وبرغم طغيان الفن السابع وهو السينما ومعه التلفاز ثم الثورة الرقمية حاليا، إلا أن المسرح ظل صامدا يقوم بدوره وإن خضع لتطوير تقنياته وأشكاله وهذا أمر طبيعي، فانظر إلى مسارح برودوي وباريس وروما وموسكو فهي ماتزال نشطة رغم طغيان الثورة الرقمية التي هي نتاج أمريكي غربي بشكل عام . تناولت في مقالي الفائت ظهور الفنان علي الهويريني أو قل عودته بعد غياب طويل ولكن عبر وسائل التواصل، ومقابلات له من قبل بعض القنوات الفضائية والمحلية، دون أن يكون له حضور مسرحي أو درامي تلفزيوني. وقد اخترت هذا الفنان لما هو معروف به من نفس مسرحي فني وثقافة واضحة عميقة. إنما هناك غيره من الفنانين ممن ينطبق عليهم ماذكرته عن الهويريني، بأنهم طاقات معطلة لم تكمل مسيرتها التي بدأت في الستينيات الميلادية، إذ لاننسى عبدالعزيز التمامي وعبدالعزيز الهزاع الذي شكل فرقة تمثيلية بمفرده، ومحمد العلي وعلي إبراهيم والحماد، والمزيني والمدفع، وغيرهم ممن لايتسع المقام لتعدادهم حتى الجيل الحالي مع ناصر القصبي والسدحان والحبيب والسناني وباقي الموجودين حاليا، ومع بدء النشاط الترفيهي برعاية هيئة حكومية بتنظيم فعاليات في عدة مدن، يبقى المسرح ركنا من أركان الترفيه الهادف وهذا هدف المسرح الأول، التوعية الاجتماعية والتثقيف والارتقاء بالحس الإنساني والمعرفي عن طريق الكوميديا (الملهاة) أو التراجيديا ( المأساة )، فلو أعيد إلى المسرح نشاطه ودوره كما كان قبل أكثر من ثلاثة عقود، أو قل لو لم يتوقف ويكسو الغبار خشبته لراينا سلوكا مروريا غير مانراه، وقدرة على الحوار الراقي غير مانراه في تويتر وغيره، ولما راينا هذا الجدل والصخب على السينما وهي أرقى مما يبث من نفايات فنية عبر كثير من القنوات الفضائية.
وان كان الفنان ناصر القصبي يتربع حاليا على قمة الدراما السعودية بحسه الفني وقدراته العالية، مع الطاقم المتمكن الموجود حاليا والذي أخذ فرصته عن طريق قنوات فضائية أكثر من الحكومية، فانه أجدر بهم الالتفات إلى من سبقوهم وعلى رأسهم علي الهويريني، وتوحيد جهودهم معهم ومن ثم المطالبة بأن تولي وزارة الثقافة والإعلام الاهتمام المستحق بهم وبالمسرح أولا، فهو المنطلق كما قلت للفن الراقي والهادف، لأن الثورة الرقمية ووسائل تواصلها لن تؤسس فنا ووعيا ثقافيا لنا ونحن على هذه الحال، طابت أوقاتكم.