د. صالح بكر الطيار
للتقدير رجاله وللعرفان أهله وللامتنان رجال يستحقون منا الثناء نظير العطاء الذي أغدقوا علينا منه وفي مسيرتي العلمية والعملية والحياتية كان هنالك رجل بقامة عالِم وشخصية بسمات الفضل والنبل كانت لي السند والمدد في مشوار حياتي الطويل ولا يزال، وقف هذا الشخص بجانبي أخاً وصديقاً وزميلاً ورفيق درب.. ومن خلال هذا المنبر وددت أن أوجه رسالة عرفان للعالِم والقانوني الكبير والوزير وصاحب البصمات المضيئة في تاريخ مصر والإنجازات المتواصلة في السياسة والقانون والمعرفة الدكتور مفيد شهاب الذي تعلمت منه فن التفاوض الدبلوماسي والسياسي والتجاري وزرع في فكري مهارة فن التحكيم الدولي في مجالات النزاعات بين القطاع الخاص أو الدول والذي أوصلني إلى العديد من النجاحات.
لن أنسى وقفة ذلك العالِم الشهم الكريم والذي ترعرعت بين يديه ومتابعته لي حيث اكتسبت من علمه ونهلت من خبرته العديد من الدروس التي كانت ترتكز على همم العمل وقيم الحياة. وعندما بدأت فكرة تأسيس مركز الدراسات العربي الأوروبي بباريس وسط تحديات وصعوبات كبيرة وقف هذا النبيل ليشاركني بقناعة مطلقة في تأسيس هذا المركز وفكر معي بصوت واحد ومنهجية واحدة ساعد وساند ونافح وكافح وقدم حلوله بكل إخلاص وتفانٍ وحيادية لحل العديد من المشكلات في العالم العربي في محيط ممتلئ بالأزمات.
وعندما أسرد سيرة هذا الرجل العظيم فإني أعده أنموذجاً، بل وأستاذاً للقانون للدولي في العالم العربي فمن علمه تعلم الكبار وتخرج من تحت يديه عتاولة السياسة والاقتصاد والقانون ومنهم رئيس مصر السابق عدلي منصور إضافة لعمله المتميز فترة من الزمن مستشاراً قانونياً للصندوق العربي للإنماء الاقتصادى، وما قام به من إنجاز قانوني في استرجاع طابا وعودتها للسيادة المصرية وإدارته لمعهد قانون الأعمال العام الدولي ورئاسته لجامعة القاهرة وتصديه للفكر المتطرف آنذاك واهتمامه بأنشطة عدة ومختلفة في الثقافة والمعرفة والقانون والاقتصاد والاستشارات وتعيينه وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي وعمله السياسي في ثلاث وزارات بالشؤون القانونية، والمجالس النيابية، وتمثيل الحكومة في مجلسي الشعب والشورى ومساعدته لطالبي العلم وخدمته لمصر طوال عقود عندما رفض أكبر المناصب في أوروبا.
كثيرة هي مناقب العلم ومنصات المسؤولية التي اعتلاها بفكره وخبرته ودراسته تتشارك مع صفات إنسانية يعرفها كل من عمل أو لازم هذا الرجل من تحليه بالحكمة والصبر وحسن الخلق والموعظة الحسنة والصفاء وطيب المعشر وأصالة النُّبل.
عندما أكتب هذه السطور فإنني ما زلت أستشعر روح التلميذ في نفسي وإشعاع التعلُّم أمام هذا العالم حيث توطدت علاقتنا وسارت في درب من الاحترام والتقدير والتضحية والأخوة الصادقة حيث نلت وما زلت شرف العمل بالقرب معه في تخصصنا القانوني وفي العديد من التشارك العملي والإنساني والحياتي وأصبحت علاقتنا المهنية والأسرية مثار غبطة للكثير من عالمنا العربي. أدام الله عليه الصحة ودامت صداقتنا وأخوتنا وتعاوننا مدى الحياة.