سمر المقرن
أكثر مقولة ساهم الطغيان الذكوري في تعزيزها داخل الذهن المجتمعي هي: «المرأة عدوة المرأة».. وقد قلت في مقالات سابقة أنني لا أؤمن بهذه العداوة، واستشهدت مراراً بتجربتي وأن أكثر من يقف إلى جانبي ويدعمني هنّ النساء. لن أطيل في هذا الوارد، إنما تذكرت هذا بعد التسجيل الصوتي الذي انتشر عبر الواتسأب وأصبح حديث المجتمع ومادة دسمة للردود خصوصاً من قِبل النساء، حيث تحدثت امرأة بنبرة هجومية على النساء تطالب فيها الرجال بالتعدد، هذه المرأة ومثيلاتها ضحايا للفكر الذكوري، وهنّ حالات شاذة لا يُعتد بهن ولا بآرائهن، إنما هنّ مجرد أمثلة على عداوة المرأة للمرأة وقبل أن تُعادي غيرها هي تعادي نفسها، لماذا تعادي نفسها؟ لأنها تشعر بأنها الأقل وتشعر بأنها مجرد وعاء مخلوق لمتعة الرجل وما هي إلا أداة لهذه المتعة، هذه النوعية من النساء ليس لهنّ قيمة، لا أمام أنفسهن ولا في المجتمع، ولولا أدوات التواصل الاجتماعي لما وصلت أصواتهن النشاز.
مع ذلك، لا ينبغي أن نعمم ونساهم في إنجاح القاعدة الذكورية التي تريد أن تعزز في داخل المجتمع وخصوصاً النساء بعداوة المرأة للمرأة، بل تعزيز فكرة العداء حتى مع الرجل وكأننا في حالة تنافسية يجب أن يسقط هذا ليظهر الآخر، مع أن الأرض تتسع للجميع والنجاح يحتوي المرأة والرجل سوياً.
في السياق ذاته، برأيي أن المرأة لا تكون عدوة للمرأة إلا في حال وقعت في وحل التفكير الذي وقعت فيه تلك المرأة، هذه النوعية من النساء هنّ من يقبلن بخراب البيوت وأخذ الرجل من زوجته باسم التعدد، ولو أن كل امرأة رفضت الارتباط من رجل متزوج عدا في حالات استثنائية وبموافقة الزوجة الأولى لما وجدنا امرأة عدوة لامرأة أخرى، ولتغيرت ذهنية المرأة في التفكير بنفسها على أنها الحلقة الأضعف وأنها الأقل من الرجل، لأن الله -عز وجل- لم يفضل بعضنا على بعض، إنما منح الرجل صفات والمرأة صفات مختلفة بهدف التكامل لا التنافر، ودون أن يكون لجنس أفضلية على الآخر، هذه الإشكالية التي جعلت حتى من الخطاب الحقوقي الخاص بالمرأة خطاب غير متوازن، فالهدف من المساواة العدل وليس مساواة الصفات التي لا يُمكن أن تتساوى، وليس فيها أفضلية.
هذه المرأة وغيرها من الباحثات عن الرجال المتزوجين، والمناديات بالمتعة لأجل المتعة دون النظر إلى المؤسسة الزوجية القائمة على الركن الإنساني والأخلاقي، هنّ ضحايا نظرتهن الدونية لأنفسهن، مع ذلك، ما زال الخير هو القائم والمرأة ليست عدوة المرأة، وهنا حديثي عن النساء السويات، لا تلك الضحية وشبيهاتها!