«الجزيرة» - طوكيو:
اِنعقد في رحاب المعهد العربي الإسلامي في طوكيو التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لقاءٌ مفتوحٌ حول «الرؤية السعودية اليابانية 2030، وإسهاماتها في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين»، وذلك يوم الاثنين 13 مارس 2017م، على شرف زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، اليابانَ. وقد شارك في اللقاء قادة الوفود الإعلامية والكُتّاب والصحفيون والمثقفون والأكاديميون من الجانبين السعودي والياباني. وقد تراَّسَ الجلسة معالي الأستاذ عبد الله بن فهد الحسين، رئيس وكالة الأنباء السعودية.
اِستهل مدير المعهد العربي الإسلامي في طوكيو الدكتور ناصر بن محمد العُميم، اللقاء بكلمةٍ افتتاحية أعرب فيها عن سعادته أن يجتمع قادة الإعلاميين والصحفيين والمثقفين للتباحث في موضوع الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030 مشيراً إلى أنَّ زيارة خادم الحرمين الشريفين، جاءت تتويجاً للعلاقات المتميزة بين البلدين، فقد تبَنَّتْ حكومة المملكة بقيادته - حفظه الله وسدد خطاه - رؤية 2030 الطموحة التي شملت خططاً وبرامج اقتصادية واجتماعية وتنموية متعددة تستهدف النماء والازدهار والتقدم في شتى دروب الحياة، مما جعلها جاذبةً لاهتمام المراقبين على المستويات المحلية والعالمية. وأضاف سعادته متناولاً جهود المملكة البارزة والمستمرة في تعليم اللغة العربية ونشرها، وذلك بوصفها لغة القرآن الكريم والوعاء الحاوي للثقافة العربية الإسلامية. مؤكداً على أنَّ وزارة التعليم السعودية قد قامت بإنشاء معاهد ومراكز للغة العربية داخل المملكة وخارجها، وشَرُفَتْ جامعةُ الإمام محمد بن سعود الإسلامية برعاية مؤسساتٍ تعليمية تثقيفية، وتسيير معاهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها خارج المملكة في إندونيسيا، وجيبوتي، واليابان، وغيرها من بلدان العالم.تلا ذلك بداية اللقاء المفتوح والذي أدَارَهُ معالي رئيس وكالة الأنباء السعودية الأستاذ عبد الله بن فهد الحُسين، وشارك فيه بالحديث والتداخل الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة، والدكتور إبراهيم النحاس عضو مجلس الشورى السعودي، والدكتور عثمان الصيني رئيس تحرير جريدة الوطن، وشارك من الجانب الياباني الأستاذ كاوا مورا رئيس جمعية الصداقة البرلمانية السعودية - اليابانية، والدكتور كو إشيرو تاناكا عضو معهد الطاقة الياباني، والدكتور تومويجي هيكيتا من معهد الطاقة التطبيقية اليابانية، والأستاذ كو إيجي سايشو مدير نادي الصحافة اليابانية، والأستاذ أمين توكوماس رئيس جمعية مسلمي اليابان.
حيث رحب الأستاذ عبد الله بن فهد الحُسين بالجميع شاكراً جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمعهد العربي الإسلامي في طوكيو وإدارته على إقامة مثل هذه اللِّقاءات الهادفة إلى التعارف الحقّ بين اليابان وشعبها والأمة العربية الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وشعبها. وقد أوضح بأنهم في وكالة الأنباء السعودية وبتوجيهات وزارة الثقافة سيقومون بتذليل الصعاب التي تواجه اليابانيين في الحصول على معلومات حقيقية عن المملكة ومواكبة وصور تساعد المهتمين من رجالات الأعمال اليابانيين في تأدية أعمالهم وتسهيل ما يعترضهم من عقبات استثمارية.
وقد تحدث سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة، الأستاذ خالد المالك معبراً عن سعادته بالقدوم إلى اليابان ضمن الوفود المرافقة لخادم الحرمين الشريفين، في زياراته المباركة المتفرِّدة لبلدان آسيوية من أهمها اليابان. واستطرد الأستاذ خالد المالك قائلاً: ... كما قال معالي الأستاذ عبد الله الحسين، الذي سبقني بالحديث، أنا سعيد أيضاً كما بقية الزملاء الذين حضروا في معية خادم الحرمين الشريفين في هذه الزيارة. الحقيقة أريد أولاً أن أقول إن زيارتي الأولى لليابان كانت قبل أربعين عاماً، وقد كان بالكاد آنذاك أن تجد من يترجم بين اللغة العربية واليابانية، وكان العدد المحدود ممن يتقنون اللغة العربية من اليابانيين هم من تعرفوا على اللغة ودرسوها وحفظوا الكثير عنها في جامعة الأزهر الشريف في مصر العربية، وكان «مقابل ذلك» في المملكة العربية السعودية قليلٌ ممن يتحدثون اللغة اليابانية بطلاقة. وكما نعلم أن اللغة هي الجسر الذي نستطيع من خلاله أن نعمّق العلاقات الثنائية بين الدول، واليوم وأنا أيضاً أزور هذا المعهد «لأكثر من مرة» كان آخرها قبل ستة أشهر، وجدنا كما عهدنا أن هذا المعهد منارةٌ من منارات اللغة العربية في اليابان، ودوره في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بارز ومشهود وعظيم، وبفضل الله، ثم بمجهودات العاملين بالمعهد أضحت اليابان تتمتع بإمكانات بشرية كبيرة ممن يتحدثون اللغة العربية، وهذا من المؤكد يساعد كثيراً في دعم العلاقات المتميزة بين البلدين. إضافةً إلى ذلك، نجد برنامج خادم الحرمين الشريفين الذي يتمتع بالاستفادة من فرصه حوالي خمسمائة طالب وطالبة يدرسون في اليابان وقد أتقنوا اللغة اليابانية إلى جانب من سبقهم ممن درسوا وعادوا إلى المملكة وبالتالي ساعد هذا على تواصل البلدين وتعميق العلاقة بينهما. أريد أن أقول في هذه المناسبة إن ما يجمع المملكة باليابان قواسم مشتركةً كثيرة ليست فقط في الجانب الاقتصادي، «وهو بالتأكيد مهم ومؤثر ويساعد في بناء هذه العلاقة الرائدة بين الشعبين»، لكن هناك العلاقات السياسية أيضاً ونحن رأينا كيف أن اليابان وقفت إلى جانب المملكة في الأزمة السورية وكانت وجهات النظر متطابقة، ومثل ذلك أيضاً في اليمن وأزمتها، وأيضاً بالنسبة للقضية الفلسطينية فقد كان اليابانيون يصغون جيداً إلى الصوت السعودي ويتبنون كثيراً من الأفكار في هذا المجال. هناك بالطبع مواقف تاريخية لا بد أن يتذرها الإنسان، ففي عام ثلاثةٍ وسبعين (1973م) قامت المملكة بقطع البترول عن كثير من دول الغرب بسبب موقفها من الحرب العربية الإسرائيلية، وأثناء تلك الأزمة قام نائب رئيس الوزراء آنذاك السيد ميكي بزيارةِ المملكة لإعادة ضخ النفط إلى اليابان. ونظراً لأنَّ اليابان لا تمتلك بترولاً في أراضيها وتعتمد صناعتها المتميزة كما نعرف على النفط السعودي الذي كان يصل إلى هنا ويغطي احتياجاتها بنسبة 70%. لبَّتِ المملكة رغبتها لاحقًا وأعيد ضخ البترول إليها. وجاء موقف آخر وهو الموقف من الشركة العربية في المنطقة المقسومة مع الكويت، وكان هناك حديث طويل لتجديد العقد لكنه لم يتجدد لأنه كان لكل دولة شروطها من أجل تجديد العقد، وبالتالي تولت شركة أرامكو السعودية تشغيل هذه المنشآت البترولية. اليوم أمام اليابان فرصة للاستثمار في المملكة لوجود رؤية المملكة 2030 والآن هناك رؤية سعودية - يابانية ونتوقع أن يكون هناك توافق بين الدولتين، ولا تعاد تجربة الشركة العربية مرة أخرى، ولا نتوقع أيضاً أن يكون هناك موقف بالنسبة لضخ البترول مماثل لذلك الموقف، لأن هناك متغيرات سياسية واقتصادية تجعل من الدولتين أقرب بكثير مما كانتا عليه. لا أريد أن أطيل ولكن أقول إن هذه الزيارة كما هي زيارات خادم الحرمين الشريفين السابقة، فقد زارها وهو أمير لمنطقة الرياض، ثم زارها وهو ولي العهد، واليوم يزورها وهو ملك ويملك كل الصلاحيات في المملكة العربية السعودية، ونتوقع أن تكون هناك نتائج كبيرة جداً تخدم الدولتين والشعبين الصديقين. وفي كلمته تطرق الدكتور إبراهيم النحاس عضو مجلس الشورى السعودي إلى العلاقات السعودية - اليابانية مؤكداً أنها تجاوزت مرحلة البناء إلى مرحلة الشراكة. وأنَّ المملكة تتطلع إلى دعمٍ يابانيٍّ للقضايا العربية، إضافةً إلى دعم جهود المملكة في محاربة الإرهاب، عاصفة الصحراء. وتطرق سعادته إلى رؤية 2030، مؤكداً أنها سعودية المنشأ. فالمملكة رائدة على المستويات جميعها، وذلك لموقعها الجغرافي المتميز الذي يتيح لها أن تكون مركزاً للاستثمارات العالمية والتي تجد الدعم والمساندة والضمان القانوني من حكومة المملكة، مما سينعكس أثره إيجاباً على أسواق العالم جميعها، ولا ننسى أن بالمملكة نفسها سوقاً شرائية عظمى تضمن نجاح الاستثمارات.
وقد استهل سعادة الدكتور عثمان الصيني رئيس تحرير صحيفة الوطن كلمته مبدياً إعجابه بدلالات عنوان إحدى مطبوعات المعهد، قائلاً: «... أعجبني عنوان الكتيب الذي أهدي إلينا اليوم من قبل المعهد، والذي يضم كلمات خريجي المعهد في إصدارة بعنوان «النخلة والساكورا». فالنخلة ترمز وتعني أن السعودية ليست مجرد نفط فقط، وكذا الساكورا - شجرة الكرز - تشير إلى أن اليابان ليست منتجات صناعية وتكنولوجيا متقدمة فحسب، وإنما خلفهما علم وثقافة، والذي نراه في الرؤية السعودية 2030 أنها ليست استثماراً اقتصادياً فقط أو علاقات اقتصادية فحسب، وإنما هناك تاريخ علاقة طويلة وثقافة عميقة بين البلدين قبل عشرات السنين بل قبل ثمانين سنة حينما كان المسلمون في اليابان يرسلون الرسائل الخطية إلى أرض الحرمين الشريفين يستفتون في أمور الدين وهي معروفة، وأقدم رحلة للحجاج اليابانيين إلى السعودية (بعثة الحج اليابانية) قبل رحلات كثيرة أخرى لبعثات بقية الدول وهي معروفة ومنشورة ومترجمة إلى اللغتين اليابانية والعربية. والعلاقات العلمية بين البلدين هي علاقات سواء أكانت في البحث العلمي أو في الطاقة النووية أو المتجددة. والآن، نجد أن باليابان طلاباً سعوديين يُدَرِّسون في جامعاتها ومؤسساتها التعليمة العليا، مقابل ذلك نجد دارسين يابانيين ودارسات هنا بالمعهد يتلقون دروساً في اللغة العربية وعلومها وثقافتها. فهذه الأرضية بين الشعبين والتي تنبني عليها كل العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها يجب أن تكون جسوراً ثقافية متينة ومؤسسة، وقد ركزت عليها الرؤية السعودية 2030 وستعمل على تعميق هذه الجسور الثقافية، لأن اليابان قبل أن تكون دولة متقدمة هي ثقافة عريقة، وكذا الثقافة العربية والإسلامية أيضاً ثقافة عريقة.
وفي أولى كلمات الجانب الياباني، تحدث الدكتور كوئيتشيرو تاناكا مدير معهد الطاقة في اليابان، قائلاً: «... يسرني أن أتحدث في هذه المناسبة الكريمة بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والتي تفتح باباً جديداً للعلاقات الثنائية بعد مرور60 عاماً. وقد قدمنا بحثاً موضوعياً حول خطة رؤية 2030 في معهدنا للطاقة في اليابان، بمشاورات مع بعض مسؤولي الحكومة اليابانية والقطاع الخاص. واتفقنا على أن هذا المشروع يُعد مبادرة مهمة للغاية بالنسبة لتحقيق تطور المملكة الأمر الذي يسهم في ترسيخ مكانة المملكة بين اقتصاديات المجموعة 20. وأود وصف بعض سمات المشروع وكلها يبدأ بحرف سي بالإنجليزية: Collective جامع Comprehensive شامل Consistent مستمر على مدى طويل التحدي Challenging وأقول إن اليابان مشاركة في تنفيذ هذا المشروع وهي تعمل مع قطاعات عامة وقطاعات خاصة في المملكة. وأظن أن أهم عامل في نجاح هذا المشروع هو تنمية الطاقة البشرية داخل البلد. ويشمل النواحي الأخرى بما فيها استعمال الطاقة بصورة مثمرة وأيضاً الحفاظ على البيئة. فنقترح على سبيل المثال القيام ببحث استخدام الهيدروجين في مشروعنا المشترك الذي يتطلب تقنية متقدمة ودقيقة وفي إمكان اليابان الإسهام في هذا الميدان. نتطلع بشدة آملين نجاح هذه الزيارة للملك سلمان بن عبد العزيز لليابان. تلا ذلك كلمة د. توموجي هيكيدا مدير معهد الطاقة التطبيقية في اليابان، والتي أبدى فيها بعض الملاحظات حول مشروع رؤية 2030، على النحو التالي: «... أولاً أعجبني كثيراً مشروع رؤية 2030 من حيث الشمولية والطموحات التي يحملها في طياته، فهو يشمل شتى المجالات وهي أمر ضروري من أجل تحول وتطور المملكة العربية السعودية في المستقبل القريب. ولا شك أن الدعم السخي المتوافر من الميزانية الضخمة سوف يلعب دورًا أساسيًا لنجاحه. ثانياً نظراً لتخصصي في مجال الطاقة أود التطرق إلى موضوع الطاقة المتجددة. فمن المعروف أن المصادر القابلة للتجديد كلها قابلة في نفس الوقت للانقطاع من حين لآخر فنحتاج إلى مصادر الطاقة تسد الحاجة عند ذلك الانقطاع بتزويدها بأجهزة توليد كهربائية عند الحاجة. على سبيل المثال محرك الغاز وخلايات الوقود أو البطاريات والأجهزة لنقل الكهرباء لاستقرار التيار الكهربائي. فيجب التنسيق عند إكمالها في آن واحد. وبالطبع، إن كلاً من الطاقة الشمسية والهوائية أيضاً ممة للغاية إلى جانب النفط والغاز. وكلاهما متكاملان. واليابان على استعداد كامل للتعاون في المستقبل في هذا المجال...».
وقد قدَّم المشاركة الثالثة من الجانب الياباني، كوجي سايشو، مدير نادي الصحافة الياباني، والذي أورد في كلمته ما يلي: «... لقد شاركت ثلاث مرات في الحج، ومن منطلق خبرتي هذه سوف أتحدث عن موضوع رؤية « 2030 «. أول مرة ذهبت فيها إلى الحج كانت في عام 1968م، وقد دار الصراع العربي الإسرائيلي في العام الذي يسبقه وتم الاستيلاء على المسجد الأقصى. وأتذكر جيدًا أن الملك فيصل قد ألقى خطبة أثناء قيامي بالحج وكان من أهم كلماته فيها والتي قالها بشجن وقوة (فلنسترد المسجد الأقصى). ثاني مرة لي قمت فيها بالحج تأتي بعد المرة الأولى بأربعين عامًا وكانت في عام 2011م. وتزامن الحج هذه المرة مع فترة زلزال تسونامي الذي ضرب اليابان. وفي هذه المرة شاهدت قطارًا في وسط تلك البقعة المقدسة ولكن ما شاهدته في السعودية قطاراً يربط بين ضواحي مكة وعرفات، وحينما رأيت ذلك أحسست أن السعودية تتغير وتتطور. وقد قام نجل الملك سلمان بدعوة رواد الفضاء من جميع أنحاء العالم للرياض في نفس السنة التي عُرف فيها كرائد للفضاء. وفي السنة التالية كان السيد أكيياما من قناة «تي بي إس» سوف يقوم بالذهاب في رحلة إلى الفضاء فقام بدعوتي معه لحضور هذا الحفل وذهبت معه. والآن الابن الأكبر للملك سلمان يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية. والسعودية حينما تتحرك، تتحرك بسرعة وعزيمة وأعتقد أن السياحة الدينية سوف تتغير على يديه، فحينما أشاهد التلفاز السعودي الآن أجدهم يناقشون أهمية إطالة مدة تأشيرات الحج والعمرة للحجاج والمعتمرين. وهذا يدل على نهجهم في التطوير والاهتمام في شتى المجالات تجاه رؤية 2030. وفي اليابان برزت كلمة «كرم الضيافة» تجاه أولمبياد طوكيو 2020 و «كرم الضيافة» في اليابان له شكل وقوانين مختلفة عن الدول العربية. فاليابان تشتهر بجودة وتقنية التصنيع، ولكنني أريدها أن تشتهر أيضًا بـ»كرم الضيافة» كما تم اختيارها نظرًا لاشتهارها بهذه الكلمة في فترة التصويت لليابان لاستضافة الأولمبياد. فبعد الحج الأول لي بثلاث سنوات وقعت أزمة النفط العالمية. وتوجهت الأنظار إلى منطقة الشرق الأوسط والسعودية خصيصاً رغم أنه لم يكن هناك أي اهتمام بها وأصبح لا بد من توطيد العلاقات مع السعودية. فأرسلت خطاباً إلى وزير الإعلام كتبت فيه أننا نريد منك أن ترسل لنا أحد الصحفيين إلى اليابان، فأرسل لنا السيد خالد المال. فجاء السيد خالد المالك حاملًا بيده الدعوة إلى الفندق المحدد وقال لنا: جئت بهذه الدعوة ولكن لا أعرف ماذا أفعل. وأخذنا نتجول في عدة أماكن بين أوساكا وطوكيو وزرنا بعض الشركات فأدهشه أن الموظفين يخفضون الإضاءة بسبب أزمة النفط ونقل هذه المأساة إلى المسؤولين في السعودية. وما زلنا منذ ذلك الوقت نتقابل بين الحين والآخر. ومن هذا الموقف الذي عمَّق صداقتي بالأستاذ خالد المالك، أرجو ألا ننقل فقط الأزمات السياسية والاقتصادية، بل لا بد أن نتبادل الثقافات فيما بيننا. فحينما ذهبت إلى السعودية كانت هناك سيدة يابانية تعمل على نقل «ثقافة الصحراء» إلى اليابانيين وهي الباحثة موتوكو كاتاكوا والتي توفيت قبل ثلاثة أعوام وقد نقلت لليابانيين ثقافة «الراحة»، فأرجو أن تعملوا على نقل ثقافتنا إلى العالم العربي أيضًا...».
آخر مساهمات المشاركين في اللقاء المفتوح حول الرؤية السعودية اليابانية 2030، وإسهاماتها في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين (اليابان والسعودية)، قدَّمها الأستاذ تاكيؤو كاوامورا، عضو البرلمان، رئيس جمعية الصداقة البرلمانية السعودية - اليابانية، والذي قال فيها: «... إنه لمن دواعي سروي أن تتاح لي هذه الفرصة لأتحدث أمامكم في هذه المناسبة الكريمة لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للمملكة العربية السعودية. جاءت هذه الزيارة بعد مرور 46 عاماً منذ زيارة الملك فيصل - رحمه الله - لليابان كما طالعتنا نشرات الأخبار على التلفاز. ونود تعميق فهم لمشروع ضخم للمملكة من مشروع رؤية 2030، ونعرف أن رئيس الوزراء الياباني السيد آبي سوف يتبادل الآراء مع الملك سلمان عند مقابلتهما في مساء اليوم. وكذلك هناك مأدبة العشاء مع الملك وسأتشرف بالحضور في هاتين المناسبتين ومن الواضح أن موضوع رؤية 2030 سيأخذ أوليه هامة في المناقشات بينهما. في شهر سبتمبر 9 عام 2016م.كان لي الشرف في حضور مقابلة مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان - حفظه الله - وخاصة بعدما سمعت كلمات المتحدثين اليوم، تيقنت وتأكدت أن هذا المشروع سيكون دفعة قوية إلى الأمام فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين. وأنا بوصفي رئيساً لجمعية الصداقة البرلمانية السعودية - اليابانية يجب عليها أن تدعو إلى جميع أعضاء البرلمان أن يتعرفوا جيداً على المشروع بينما يقوم بدور جسر بين البرلمان والحكومة. غير أني لم أحظ بزيارة المملكة العربية السعودية نظراً لانشغالي منذ توليّ لمنصب رئيس هذه الجمعية. وفي عام 2020 ستقام دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو وهي بالطبع مهرجان رياضي كبير غير أننا هنا في اليابان نعد هذه المناسبة أيضاً مهرجاناً للثقافة لكي نتعرف على بعضنا البعض. فهي فرصة سانحة للتعرف على ثقافات مختلفة.. وبوصفي وزيراً للتعليم سابقاً أعرف أهمية التبادل بين الشباب وخاصة بين الطلاب. نرحب بزيارة الملك مرة أخرى وأتمنى من كل قلبي تحقيق المزيد من العلاقات بين البلدين بما في ذلك العلاقة الاقتصادية. وبانتهاء كلمات المتحدثين الرئيسين الثمانية، فتح معالي رئيس وكالة الأنباء السعودية الجلسة باب النقاش والأسئلة والمداخلات حول الرؤية اليابانية - السعودية المشتركة 2030، وما تناوله المتحدثون في كلماتهم، وقد تداخل الأستاذ محمد رضا، عضو مجلس الشورى ساباً، الكاتب الإعلامي مُرحباً بقوله: «... أنا سعيد وزملائي بأن نحضر هذا الاجتماع المشترك بحضور رئيس جمعية الصداقة السعودية البرلمانية وبين إعلاميين ومثقفين وكتّاب، اليابان كانت مرسومة في الذهنية السعودية والعربية بعد الحرب العالمية الثانية وقد انطلقت بدايتها الصناعية حتى إنه كان يُسمى أي منتج ياباني (جابان) دلالة على ضعف وتقليدية هذه الصناعة في مقابل (جِرمني) وهي الصناعة الألمانية المتقنة والثقيلة. وأنا لم أعلم أن هناك جدلية بين التجربتين الصناعية في ألمانيا واليابان بين أنموذج ذلك الطالب الياباني (أوساهير) الذي ذهب إلى ألمانيا لدراسة الميكانيكا، كان ذلك كما يبدو أيام ميجي الإمبراطور الإصلاحي، أوساهير هذا وقد أعتز بوطنيته اليابانية، لم يقبل أن تنحصر دراسته الأكاديمية في التنظير البحثي، وإنما ذهب لكي يتأمل ويتمعن ويكتشف أسرار الصناعة الغربية، فاشترى محركاً براتبه وحاول أن يشغل هذا المحرك وعندما علم الإمبراطور الياباني ذلك أجزل له العطاء بخمسمائة جنيه «وهو مبلغ كبير» في ذلك الوقت. ولأنه طالب مجد ووطني اشترى بهذا المبلغ الضخم أول وحدة صناعية في اليابان. أردت الانطلاق من هذا النموذج في التأكيد على الشراكة الإستراتيجية بين السعودية واليابان خاصة وأن العلاقة بين بلدينا قد بدأت متزامنةً، نحن بدأنا بعد تكوين الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبد العزيز، وأنتم اليابانيون بدأتم بعد الحرب العالمية الثانية. واليوم الصناعة اليابانية تغزو العالم بل إن من ضَرَبَ المدينتين اليابانيتين بالقنبلة الذرية (الأميركان)، أتى إليكم لكي يتعلم من التجربة اليابانية في التعليم وقد أصدر الأمريكيون تقريرا مشهورا بأنهم في خطر، إذن المطلوب اليوم ومجال الاستثمار الصناعي والاقتصادي مفتوح في المملكة العربية السعودية أن نفيد من تجربتكم التقنية المتراكمة. نحن في المملكة نستهلك وارداتكم إلينا من السيارات والأدوات الكهربائية، وأيضاً في تقنية المياه، والتحويلات البترولية بترورابغ مثلاً، إذن نتطلع إلى اليابانيين أن يستثمروا في الرأسمال البشري السعودي، وكما أشار زميلي الدكتور إبراهيم النحاس اليوم هناك طبقة متنامية وواسعة من الشباب السعودي متخصصون في العلوم التقنية المختلفة وقد تعلموا في أرقى الجامعات الأمريكية والأوربية، وهنالك كما أشار أحد الزملاء بوجود 500 طالب سعودي يدرسون في الجامعات اليابانية، نتطلع حققة إلى هذه الشراكة خاصة وأن رؤية 2030 أتاحت الفرصة كاملة للاستثمار وخلق بيئة محفزة ولعل ما يجمع بين اليابان والسعودية بأن لهما رؤيتين تكادان أن تكونا متطابقتين خاصة وأن رئيس الحكومة يعمل على إعادة هيكلة الاقتصاد الياباني في دعوة قطاع الأعمال الياباني في زيادة الأجور وكذلك نحن نتطلع إلى ذلك.
تلا ذلك، مداخلة الشيخ أمين توكوماسو رئيس جمعية مسلمي اليابان، والذي أبان أهمية الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030 ودورها في دعم العلاقات بين البلدين وتوثيقها، وأنهم كمسلمين يابانيين يسعدون بذلك وسيجنون ثمار هذه الرؤية - بإذن الله -، وهذا ليس جديداً على المملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً حيث ظلت تولي الأقليات المسلمة في العالم والمسلمين اليابانيين خاصةً رعايةً كريمةً وتدعمهم دعماً سخياً منذ إنشاء الجمعية في الخمسينيات وحتى اليوم، وفي المستقبل - بإذن الله - وبفضل الله وجهود المملكة استطعنا بناء مركز كبير ومراكز ثقافية. وعقَّب رئيس الجلسة على هذه المداخلة بأنه بالفعل التواصل بين البلدين في ازدياد ولا يوجد قصور في التواصل الإعلامي بل على العكس هناك اتفاقيات إعلامية وثقافية بين البلدين وهذا لقاء اليوم هذا جسر حقيقي لمعرفة الآخر ولقد حضرت مع جلالة خادم الحرمين زائراً اليابان عندما كان ولياً للعهد وكان هناك لقاء لرؤساء التحرير ومديري وكالات الأنباء في اليابان وخرجنا من هذا اللقاء باتفاقية بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة كيودو اليابانية وهذه إحدى روابط التواصل الإعلامي.
هذا، وقد تداخل بعض الحضور من اليابانيين، وقد صبّت مداخلاته في الإشادة بالرؤية السعودية - اليابانية المشتركة 2030، وما ينتظر من نتائجها التي ستنعكس على الدولتين وشعبيهما، بل الأمة الإسلامية والعربية ودول آسيا، إن لم يكن العالم أجمع، وذلك لقوة برامجها والدعم القوي والسخي الذي تجده من حكومة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه وسدد خطاه -، وكذا الدعم القوي الجاد من الحكومة اليابانية.