الثقافية - محمد هليل الرويلي:
أكدت الكاتبة والشاعرة هدى الدغفق أن هناك عاصفة من الجدل تلاحقها باستمرار في معظم المناسبات الثقافية التي تشارك فيها وليس في الأندية الأدبية ولافي مجال الشعر وحسب دون أن يكون هناك سعي منها للإثارة ونحوها. وقالت الدغفق «للثقافية» : لست ممن تجيد التسويق لذاتها إعلاميا، ولكنني كثيرا ماتكون لدي مواقف تتماشى مع طبيعة كتاباتي بشكل عام وشعري بشكل خاص ، ولعلي أحاول باستمرار التوفيق بين شخصي ونصي لأنني أمقت ذلك التناقض أوذلك الفصام الذي تحس عادة بين ذات المبدع ونصه، ولأنني كذلك أحدث جدلا من نوع غير مصطنع ، وأتمثل نصي كما لو كان أنا.
ومن جهة أخرى والحديث « للدغفق» ربما استغل بعضهم حالة من التلقي واشتغل على وتر ما، لخدمة غرض ما، خاص بمؤسسته الثقافية الأدبية ، ويكون المبدع هو الطعم ، ولأنني أحاول الحفاظ على علاقتي بالمتلقي الذي أقدره وأحترمه ، لاأحاول تأجيج المواقف أو إحداث شرخ ما في ، وتبقى هناك حالات خارجة عن السرب ولا تربطها علاقة حقيقية بالمشهد الثقافي وأحداثه هي من تصنع الإثارة وتقحم فيها المبدع بشكل أو بآخر. ذلك وغيره مما يحدث من جدل لم يجعلني أنهزم وأتراجع عن موقفي الشخصي والثقافي بضرورة أن يكون المبدع نموذجا لمايبدعه، بل زاد من إيماني بما أفعله وأعيه وأحبه أيضا. وهذا النوع من الالتزام الأخلاقي هو مايجعل المتلقي أشد احتراما وتقديرا للمثقف بشكل عام .
كما أكدت الدغفق أنها لاتطمح لكتابة رواية بيوم من الأيام رغم أن هناك من قرأ السيرتين الذاتيتين اللتين كتبتهما سابقا وهما (أشق البرقع أرى) و(متطايرة حواسي) وقالت إني أمتلك قدرة على الإمساك بقلب الرواية . ولكن الرواية لم تسقني إليها حتى الآن كما ساقتني السيرة الذاتية أو كما يسوقني الشعر، أعتقد بأن الشعر أوقع تأثيرا من الرواية وأقرب إلي في التعبير عن نفسي على الأقل ، وهو أشد بقاء من تغيرات الرواية وتقلباتها لأنه كما ذكر الشاعر والناقد العربي بول شاوول : (الشعر يجدد نفسه باستمرار) وكون الشعر للنخبة لايزعجني ، ولست أهتم لبيع كتاب وتسويقه بقدر اهتمامي بالتأثير الإنساني في الوعي والحفر في أعماقه.أظن أنني ممن يؤيدن الكتابة بمطلقها في كل نوع أدبي متى ماتوفرت الرغبة وقبلها القدرة . والأهم من ذلك كله أن نستفيد بالكتابة وفنيتها بالقالب المتناسب مع ممارساتنا الإبداعية .
يشار أن الشاعرة السعودية هدى الدغفق أصدرت مؤخرًا (أربي ظلي على العصيان) عن دار الفراشة للنشر والتوزيع في مائة واثنتي عشرة صفحة من القطع المتوسط ،وقد تضمنت المجموعة قصائد متنوعة بين ذاتية واجتماعية وفلسفية طرحتها الشاعرة في نمط من المواجهة الشخصية الواعية، تراوح أسلوبها الفني بين مايعرف بقصائد الومضة والأخرى المقتصدة التي تلعب على لغة الصمت كجزء من البنية الشعرية ليكمل المعنى بياض الصفحة وتلقيها وجاءت القصائد الأخرى متوسطة الطول .وكان موضوعها الأبرز هو العزلة والظل والفراغ، وقد تميز الغلاف الذي صممه الفنان السعودي فهد القثامي بطريقة متفردة في آليته الإخراجية ممثلا طابع المجموعة بين الذات وظلها. كما اتخذ الغلاف الخلفي هيئة قصيدة كتبت بطريقة عمودية متموجة لتأخذ شكل الظل. وتعتبر مجموعة (أربي ظلي على العصيان) تجربة مختلفة للشاعرة الدغفق في مسيرتها الأدبية الشعرية، وفي حضور الأنا المؤنثة بتناقضاتها الإنسانية الاجتماعية والعاطفية. ويلحظ خلو قصائد المجموعة من العتبات النصية الأخرى والعناوين الفرعية فيما عدا الإهداء الذي توجهت به الشاعرة هذه المرة بصياغة هي (إهداء: إلى ظلي).كما خلت المجموعة من الفهرسة النصية نظرا لعدم عنونة القصائد. وتضمنت الصفحة الأخيرة للمجموعة على إصدرات الشاعرة التي منها : (الظل إلى أعلى )، ( لهفة جديدة )، (بلا طيره ألمي)، (أشق البرقع أرى)، ( فلسفة المستقبل) ،(هيستيريا الافتراض)، (متطايرة حواسي)، بالإضافة عدد من الانطولوجيات المترجمة من شعرها إلى لغات عدة.