د.عبدالله الغذامي
تتموضع اللغة عبر نظام صيغها التي تعبر عن المعاني الجوهرية في الحياة البشرية، وأهم هذه المعاني هي التي تمس قيم التعايش الإيجابي بين أفراد المجتمع، وحين تتأمل بأساس المفردات التالية: التكاتف، التعاضد، التآزر، ثم تضعها مع أصلها الدلالي الأول: الكتف، العضد، الإزار، وتقارن كيف تصنعت الدلالة من أصل حسي بسيط إلى تفريع معنوي جوهري، فالتكاتف من وضع الكتف مع الكتف والتعاضد يشير لوضع العضد مع العضد، في حين يأتي التآزر من شد الإزار مع الإزار، وتكتمل الصورة الدلالية مع كلمة التعاطف حيث تعني وضع العاطفة مع العاطفة، وهنا تتم صناعة المشاركة التفاعلية حسياً ووجدانياً، وهي أهم مطالب الإنسان فرداً ومجموعة، لكي تتحقق البنية الاجتماعية وتتخذ صيغتها المتحققة عبر مفردات تنبني على صيغ محسوسة، كما أن الكتف والعضد والإزار هي أصول مادية وحسية فيما العاطفة حقيقة وجدانية، وإذا تمت مرادفة كل صيغة مع أليفتها تم التآخي، الذي هو مشاركة الأخ مع الأخ، وعلى هذا يتم التعاقد الاجتماعي الإنساني، حيث تكون اللغة بمفرداتها هي صانعة النظرية ومنتجة علامات السلوك.