د. عبدالواحد الحميد
ينظر المواطنون، بالكثير من التقدير، إلى من يرتدي البدلة العسكرية بوصفه يمثل هيبة الدولة ولأنه مؤتمن على حفظ القانون وبسط الأمن في الداخل والمحافظة على سلامة الوطن من عدوان الخصوم الخارجيين. لذلك يحترم المواطنون من يرتدي البدلة العسكرية سواء كان من منسوبي وزارة الداخلية أو من منسوبي وزارة الدفاع أو منسوبي وزارة الحرس الوطني.
ولأن العسكري الذي يتشرف بلبس البدلة العسكرية وما تمثله من رموز وطنية، أياً كانت رتبته العسكرية، هو محل التقدير والاحترام من الجميع، فإن المواطنين يتوقعون منه سلوكاً ينسجم مع هذه المكانة الكبيرة في نفوسهم. والحق أن هذا هو ما تعوده الناس ممن يتشرفون بلبس البدلة العسكرية، وقد أصبحوا موضع ثقة المواطنين والوافدين ومن النادر أن نسمع عن سلوك يتناقض مع هذه الصورة، وعندما يحدث عكس ذلك فهو يمثل الشذوذ عن القاعدة وليس القاعدة. كما أن هذا القليل الشاذ لا يقارن بما يقع في الكثير من البلدان الأخرى التي كادت الثقة بين المواطن والعسكري تنعدم في بعضها.
وبسبب ذلك، فقد استكثرنا أن يقوم أحد منسوبي السلك العسكري الذي كان يرتدي البدلة الرسمية باقتحام إحدى المدارس المتوسطة شمال محافظة جدة، والاعتداء بالضرب على طالب بسبب ملاسنة وقعت بين ذلك الطالب وبين طالب آخر هو أحد أقارب الرجل العسكري. وحسب ما جاء في وسائل الإعلام، فإن الطالب المضروب لم يتجاوز سنه الرابعة عشرة، وقد تسبب المتهم بتمزيق ثيابه وترويعه وإصابته ببعض الكدمات في أجزاء من جسمه.
هذا السلوك الغريب غير مقبول أياً كانت أسباب الخلاف بين الطالبين، فحتى لو أخطأ الطالب على زميله فإن من يقوم بالتأديب هو المدرسة أو الجهات الأمنية إذا ما تطلب الأمر. ولو أن كل من وقع عليه اعتداء أو دخل في مشادة مع شخص آخر قام باستدعاء عسكري من أقاربه ليقتص له من غريمه باليد لاختل الأمن ولتحولت البلد إلى غابة ولعدنا -لا سمح الله- إلى زمن الغزوات وحروب القبائل.
من المؤكد أن هذه الحادثة لن تمر مرور الكرام على الأجهزة الأمنية، ومن المؤكد أن العسكري المتهم سيخضع للتحقيق والمساءلة، وسوف ينال عقابه المناسب إذا ما ثبتت عليه التهمة، علماً بأن ما ورد في وسائل الإعلام يشير إلى أن الواقعة قد تم تسجيلها بفيديو كاميرات المدرسة.
أتمنى أن تبادر الأجهزة العسكرية المختلفة إلى توعية منسوبيها إلى الأهمية الرمزية للبدلة العسكرية التي يرتدونها وأنهم حين يلبسونها لا يمثلون أنفسهم بل يمثلون الدولة بكل ما لهيبة الدولة من أهمية في استقرار الأمن والنظام.