فهد بن جليد
لم نعرف في الرياض سابقاً أن المتسولين والباعة الجائلين يتحدثون مع الناس بشكل مطوَّل، وإلقاء النكت والفلاشات عليهم لطلب المُساعدة، مما يدل على أنَّ قواعد اللعبة ربما تغيرت مؤخراً مع تزايد أعداد هؤلاء عند إشارات المرور.
قبل يومين وفي وسط الزحام قام أحد الأطفال الذين يبيعون الورد بطَرق (زجاج سيارتي) وهو يُمسك الورد بيد، وباليد الآخر يُشير (بأصابعه الخمسة) أي الوردة بخمسة ريالات، فشكرته بيدي أيضاً، وهي اللغة الصامتة التي تعودنا عليها، عندما يمدُ يده إليك وكأنه يقول (من مال الله)، وأنت ترفع إصبعك للسماء وكأنك تقول (الله يرزقنا ويرزقك).
غلطتي الوحيدة أنني تعاطفت مع صغر (سنه)، وفتحت الشباك حتى أقدم له مساعدة دون حاجتي للوردة، ولكن مع إصراره أخذتها وأنا أتقدم شيئاً فشيئاً نحو الإشارة، وعندها أصبحت هدفاً لطفل آخر يمسح الزجاج الأمامي بالشامبو وهو يبتسم وينظر (للوردة) التي وضعتها على الطبلون وأنا أحاول منعه، ولكنه سريع الحركة، وكأن نظافة السيارة من لوازم حمل الورد وشرائه.. طفلة أخرى تطرق الزجاج وتقول كلاماً لا أفهمه وهي تبتسم.. هنا تذكرت المشهد في بعض العواصم العربية؟!.
هناك يبدو الحس الإنساني والفكاهي مع البسطاء طاغياً، عندما يبيعُك المتسول (الورد) ومعه عبارات مثل (ربنا ينولك إللي في بالك)، ربنا يجوزك وحده زي (كارديشان)، فيرد عليه آخر (كارديشان مين ياروح أمك)؟ ربنا يجوزه وحده زي (فيفي عبده) وهو شبه (عمرو دياب) هنا تدبُّ خناقة من أجلك بسبب وردة أردت بها مُساعدة مُحتاج، وفي النهاية ستكتشف أنك اتلطشت.. وكل سنة وأنت طيب!.
نحن نخشى أن تنتقل هذه العدوى إلى شوارعنا (بصور مُختلفة) في حال سكتنا على الانتشار الظاهر لهؤلاء المتسولين من (الأطفال العرب) الذين تضاعفت أعدادهم عند الإشارات المرورية مؤخراً، وكأنَّه تم (غض الطرف) عن مُمارساتهم التي تبدأ بشراء (وردة) وتنتهي (بحفلة أطفال) يحومون حول سيارتك على طريقة (عاوزين ناكل)!.
أرجو أن تكون الجهات المعنية بهذه الظاهرة قد لاحظت الأمر، حتى تقوم بمُضاعفة الجهد لحل المُشكلة قبل أن تتفاقم أكثر، خصوصاً أنَّه لا يفصلنا عن شهر رمضان المُبارك سوى 75 يوماً أو أقل، وهو الموسم الأهم بالنسبة لهؤلاء!.
وعلى دروب الخير نلتقي.