خالد بن حمد المالك
أخذت زيارة الملك سلمان الجديدة للصين أبعاداً غير تلك التي أخذتها الزيارات السابقة، فقد تميز برنامج الزيارة بكثرة المناسبات ونوعيتها وأهميتها، وزاد من التفاعل معها توجه قادة البلدين إلى إنجاز ما لم يتم تحقيقه من قبل، وذلك باستثمار فرصة إطلاق رؤية المملكة 2030 التي طرحتها المملكة لإدخال الصين وغيرها في جو العمل الاستثماري الجديد في المملكة.
* *
وللوصول إلى قواسم مشتركة في العلاقات الثنائية المستقبلية، فقد عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان جلسة مباحثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في قاعة الشعب الكبرى، عبَّر الملك خلالها عن ارتياحه بما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، وزاد على ذلك باستذكار قيام اللجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى، والتي قال عنها إنها ستعمل بمنزلة إطار للارتقاء في العلاقات بين بكين والرياض إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.
* *
الرئيس الصيني رأى في زيارة الملك سلمان للصين أنها تعكس مدى اهتمام خادم الحرمين الشريفين البالغ في تطوير العلاقات بين البلدين الصديقين، وأن الزيارة الملكية تُعدُّ فرصة مهمة للرفع بالعلاقات الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، دون أن يفوته التذكير بزيارته العام الماضي للرياض، وأنه خلالها تم التوافق والشراكه بين البلدين، مؤكداً حرصه على تعزيز وتطوير العلاقات بين بلدينا.
* *
الملك والرئيس بحثا في اجتماعهما آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات، وتم استعراض علاقات الصداقة بين الدولتين، ومستجدات الأوضاع على الساحة الدولية، بينما تحدث الملك عن التحديات التي يشهدها العالم، والتي تهدد أمنه واستقراره، ويأتي في مقدمتها ظاهرة الإرهاب، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وسباق التسلح، وصدام الثقافات، مطالباً دول العالم ببذل المزيد من الجهد والعمل المشترك لمواجهة هذه التحديات.
* *
وكعادة الملك سلمان في كل زياراته للدول أن يترجمها ويرسخ نجاحها بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون والبرامج مع الحكومات أو بين القطاعات الخاصة، وهذا ما حدث في زيارته للصين، فقد تمَّ التوقيع على مذكرة تفاهم للإطار العام لفرص الاستثمار الصناعي والبنى التحتية، وأخرى بشأن تمويل وإنشاء محطات للحاويات والبنى التحتية لمركز الخدمات اللوجستية المتعددة بمدينة ينبع الصناعية، وثالثة كانت عبارة عن اتفاقية للتعاون الإستراتيجي للاستثمار في مشروعات متعددة.
* *
ولم تقتصر الاتفاقيات على ذلك فقط، إذ إن الجانبين وقَّعا أيضاً مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة المملكة في رحلة الصين لاستكشاف القمر، واتفاقية أخرى للشراكة في تصنيع الطائرات من دون طيار، وثالثة كانت عبارة عن مذكرة تفاهم خاصة بقائمة مشروعات للتعاون في الطاقة الإنتاجية، وكذلك التوقيع على برنامج تعاون تنفيذي بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة والهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والإعلام والنشر بالصين.
* *
وتواصلت التواقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج بين الدولتين، فقد تم التوقيع على برنامج تعاون في المجال التجاري والاستثماري، ومذكرة تعاون في المجال التعليمي، وكذلك مذكرة تفاهم في مجال العمل، ومذكرة تعاون في مجال الشؤون التنظيمية للأمان النووي، واتفاقية لعمل دراسة جدوى لمشاريع المفاعل النووي عالي الحرارة المبرد للغاز بالمملكة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال رواسب اليورانيوم والثوريوم واتفاقية تعاون في مجال ضمان ائتمان الصادرات.
* *
أي أننا كنا في يوم من أيام الزيارة الملكية الذي حفل بالتوقيع على مجموعة غير قليلة من الاتفاقيات والبرامج ومذكرات التفاهم في مجالات عدة، وأن الملك سلمان حرص منذ اليوم الأول لزيارته وبدء محادثاته الرسمية أن يتم ما تم إنجازه من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم أو حتى البرامج، ما يؤكد أن ما تم حتى الآن خلال الزيارة، إنما هو نتيجة للتأسيس والتفاهمات القديمة التي كانت من بين نتائج الزيارات السابقة سواء للرياض أو بكين.
(يتبع)