فهد بن أحمد الصالح
من يقرأ الصحف ويشاهد القنوات ويستمع للبرامج يظن أن ليس لدينا ما نظهره ونتحدث عنه إلا كرة القدم، وبأندية الدرجة الممتازة، ولبعضها وليس جميعها.. وينسب هذا التقصير إلى الإعلام المسؤول في تلك القنوات المختلفة. وهذا في الحقيقة مخالف للواقع الذي يعرفه المهتمون بالساحة الرياضية، غير أن بعض المتابعين يرون فيما يحدث من حراك رياضي وبدني واجتماعي مختلف لا يستحق الإبراز في الأصل لغياب الأدوات التي يشترك فيها عدد من الجهات. وأنا هنا لست في موقف المدافع عن الإعلام الرياضي، ولكنني ألوم كل المعنيين بالجانب الرياضي والنشاط البدني، كلٌّ فيما يخصه؛ لأن ما يصل إلى الإعلام بقنواته المختلفة سينشر ويُعلَّق عليه، ويبرز الجهد فيه.. فالحجم الذي يأخذه الجانب الرياضي من وسائل الإعلام المختلفة كبير جدًّا، بل إن بعض الصحف المتخصصة، سواء الورقية أو الإلكترونية أو القنوات الفضائية المهنية، أدخلت الرياضة ضمن اهتماماتها، وأفردت لها مساحات كبيرة، وبشكل ربما أضر بأهدافها ورسالتها.. وهذا من باب الجذب للوسيلة الإعلامية؛ لكي تتابع من ناحية، ومن ناحية أخرى أصبحت قيادات الإعلام بمختلف مستوياتهم وأعمارهم من الشباب الذي يولي الرياضة وكل أنشطتها اهتمامًّا خاصًّا، ليس له أن يعكسه إلا من خلال وسيلته التي يملك القرار فيها.
هل عجزت الاتحادات السعودية المختلفة التي جاوزت ثلاثين اتحادًا رياضيًّا أن تجد وسيلة تتابع وسائل الإعلام بها؛ لتبرز إنتاجها وفعالياتها والمسابقات التي لديها.. أم أنهم ينتظرون حتى يأتي الإعلام ليغطي ذلك كله؟ أين المراكز الإعلامية ووسائل التواصل مع الصحفيين والمراسلين ومقدمي البرامج الذين يمكن عن طريقهم أن يُسلَّط الضوء على كل ما نريد، وذلك في الوقت الذي أصبحت وسائل التواصل تربطك بكل من تريد، وفي الوقت الذي تريد؟ هل أيقنا بالفعل أن الإعلام شريك تنمية مثلما هو شريك اجتماعي؟ وهل يمكن في الأصل أن ننمي الرياضة أو المجتمع دون إشراك الإعلام؟ وهل ما يعكس في الإعلام اليوم عن الأنشطة الرياضة والبدنية كافٍ، وهو ما يحصل بالفعل، والمعنيون مقتنعون به، أم أن هناك قصورًا كبيرًا لم يطلع المجتمع عليه من الأنشطة والبرامج الرياضية والشبابية، وحتى لباقي الأعمار؟ وهو ما أعتقد به جازمًا؛ فهناك الكثير مما يستحق الإبراز، وحال دونه تقصير أحد، أو عارضه ضعف اهتمامه، أو خالطه نسيان منه وتسويف.
وإذا تجاوزنا الاتحادات الرياضية التي تقع تحت مظلة الهيئة العامة للرياضة وقصورها في إبراز رؤيتها ورسالتها وأهدافها وفعالياتها ومسابقاتها وإنجازاتها - فيما عدا اتحادات اليد والكاراتيه والطائرة وألعاب القوى - فإن الحال ربما أشد قسوة في الاتحادات التي لا تشرف عليها الهيئة الرياضية، وأشهرها ثلاثة اتحادات، أحدها اتحاد قوى الأمن الداخلي الذي له عطاءات رائعة على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والإسلامي والعالمي.. والإعلام يعكس بشكل دائم فعالياته وإنجازاته.. إلا أن اتحادَي التعليم مغيبان عن الحضور المجتمعي بالكامل إلا من خلال ربما مجلات الجامعات أو نشرات الوزارة.. فاتحاد الرياضة المدرسية تأمَّل الجميع فيه خيرًا أن يكون المستثمر القريب لمجهودات ملايين الشباب في المراحل الثلاث، وإمكانية خلق قناة تواصل مع الإعلام من خلال إدارات الإعلام في إدارات التعليم والوزارة، أو من خلال العلاقة المباشر بالصحف والقنوات والبرامج، وإبراز النشاط الطلابي والدوري المدرسي في مختلف الألعاب، وكذلك تصفيات المناطق والفوز بكأس التعليم على مستوى المملكة.. إلا أن شيئًا من ذلك لم يتم. والاتحاد الأشد غيابًا في أنشطته وفعالياته هو الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية الذي كنا نتوقع أنه سيكون رافدًا للمنتخبات السعودية من خلال مسابقات الجامعات الحكومية والأهلية، ولا يعلم أحد هل هذا الاتحاد قائمٌ وله عطاءات أم أنه موجود ونشاطه في حال غياب تام؟ ولعلنا نستنهض همة وزير التعليم في تنشيط الاتحادين، ودعمهما بما يحتاجان إليه.
ختامًا.. نتطلع إلى أن تستخدم وتستثمر كل الاتحادات الرياضية المختلفة الإعلام بما يبرز رسالتها، ويحقق أهدافها، ويجعل من الخطط التي أزكمت الأدراج وأثقلت الرفوف واقعًا؛ ليعيش المجتمع إنجازاتها، ويشارك في أنشطتها، ويجعل منها أداة لإسعاد الناس، ودفع هممهم، ورفع روحهم المعنوية بالبرامج والفعاليات التي تصب - دون شك - في مصلحة الوطن والمواطن، مع ضرورة استثمار الإمكانيات المادية والبنية التحتية في المدن الجامعية الرياضية أو ملاعب المدارس بما يحقق الفائدة للمجتمع بكل أعماره، مع دعم تلك الإمكانيات لتحقيق محاور رؤية المملكة 2030 في رفع نسبة الممارسة الرياضية، والمساهمة كذلك مع هيئة الرياضة في تحقيق مبادرات التحول الرياضي 2020 التي سيستفيد منها إنسان هذا الوطن. ولا ننسى قدرة الإعلام أن يكون وسيلة ضغط للاتحادات على الهيئة الرياضية لتحقيق خططها الاستراتيجية، ورفع الإعانة السنوية لها، على الرغم من أن الشخصية الاعتبارية المستقلة لا تستطيع أن تدبر ميزانية لأنشطتها وبرامجها.