خالد بن حمد المالك
ضمن برنامج الملك سلمان في زيارته حضر هو والرئيس الصيني اختتام معرض (طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور)، وقد ضم المعرض قطعا أثرية قديمة ونادرة تمثل تاريخا عريقا لشبه الجزيرة العربية والإرث الثقافي للمملكة العربية السعودية، وتغطي هذه القطع الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى نشأة الدولة السعودية، إلى عهد مؤسس الدولة الحديثة الملك عبدالعزيز.
* *
الملك سلمان قال في كلمة له عن المعرض إنه يروي التاريخ العريق للجزيرة العربية، وما يمثله من تبادل في مجال المعرفة والتراث التاريخي، وأنه يعزز من أسس العلاقات القائمة بين المملكة والصين، ويسهم في تشكيل ثقافة مشتركة لشعبي البلدين، ودورهما في بناء الحضارة العالمية، مضيفاً بأن المملكة كانت ولا تزال معبر طرق بين الشرق والغرب، وأنها ملتقى الحضارات.
* *
وكانت الزيارة حاضرة في وسائل الإعلام الصينية، تتابعها خطوة بخطوة بشكل يظهر الاهتمام بها، والرغبة في بناء أوسع العلاقات مع المملكة، مشيرة إلى أهمية ما يميزها ما لاحظته من تكامل بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة (الحزام والطريق الصينية)، وتسارع التعاون بين الدولتين في مجالات الطاقة والصناعة والإنتاج والبنية التحتية، وركزت وسائل الإعلام على أن الصين تعد الشريك التجاري الأولى للمملكة استيرادا وتصديرا خلال العام الماضي، وأن الدولتين تتجهان لتأسيس شبكة تجارة وبنية تحتية تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا بطريق الحرير القديم عن طريق البر والبحر.
* *
وضمن الزيارة وعلى هامشها كان هناك اجتماع لمجلس الأعمال السعودي الصيني، نوقش فيه العديد من الموضوعات التي تهم رجال الأعمال في الجانبين، وكانت رؤية المملكة 2030 حاضرة خلال الاجتماع، وأظهر الجانب الصيني اهتماما بها، وتفهما لما تتيحه من فرص استثمارية جديدة، كما أظهر الجانب السعودي هو الآخر الاهتمام بمبادرة الصين المسماة (الحزام والطريق)، وخاصة ما يتعلق بالجانب التجاري فيها، حيث اتفق الجانبان على تكوين فريق عمل مشترك لتذليل الصعاب، وتسهيل الإجراءات، وتشجيع التعاون، وخلق فرص استثمارية جديدة في كل من الدولتين.
* *
وإذا ما نظرنا إلى ما حققته الزيارة الملكية من نجاح في توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج من جهة، وإلى اجتماع رجال الأعمال في كل من الدولتين وما تم إنجازه من جهة أخرى، أدركنا أننا أمام مستقبل واضح معالمه لتعزيز العلاقات بأكثر مما هي عليه الآن، خاصة وأن العلاقات المستقبلية تعتمد وتقوم على رؤية المملكة 2030 وعلى المبادرة الصينية (الحزام والطريق)، وأنه يمكن أن يكون هناك تناغم بين الرؤيتين والاسترشاد بهما في تأصيل هذه العلاقة، والسماح لها بالاستمرار في التطور.
* *
فالصين دولة قوية، باقتصادها وصناعتها وحجم التجارة معها، وبالاستفادة من عقولها وخبراتها، وفي مقابل ذلك فالمملكة تتمتع بوضع اقتصادي كبير، بحكم إنتاجها من البترول، وحجم احتياطياتها منه، وبالتالي حجم ما تصدره منه، وهو ما تحتاجه المصانع الصينية، حيث لدى المملكة القدرة على تلبية الطلب الصيني، وضمان الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، فضلاً عن أن المملكة سوق كبيرة للاستيراد من منتوجات المصانع الصينية، وأسواقها متاحة للصينيين للاستثمار فيها.
(يتبع)