عبدالوهاب الفايز
من الآليات التي نحتاجها الآن لاستيعاب مخاطر البطالة، مع استمرار منشآت القطاع الخاص تقليص نفقاتها التشغيلية، ضرورة تسهيل وتسريع (تراخيص المنشآت الصغيرة والمتوسطة)، حتى يجد الذين يتم الاستغناء عنهم فرصتهم للعمل عبر المنشآت الصغيرة بأنواعها.
التحرك في هذا الإطار ضروري حتى يجد الشباب الأمل في الحاضر والمستقبل، فإذا فرص العمل تتقلص في القطاع العام، والقطاع الخاص لن يكون قادرًا على توليد الوظائف.. إذن واجب الحكومة تشجيع ودعم توجه الشباب للدخول في التجارة.
في السنوات الماضية حققنا نجاحا في قطاع التجزئة، والآن إقبال الشباب على العمل التجاري في إطاره الصغير عبر محلات التجزئة، أو في الخدمات مثل (سيارات أطعمة الشوارع) يعد تحولا إيجابيا على المستوى النفسي والاجتماعي علينا استثماره.
ربما الحل الأساسي الذي ينهي معاناة المقبلين على العمل التجاري الحر، وليس الشباب فقط، يتحقق في إنشاء جهة موحده لإصدار التراخيص، بدل (بهذلة) الناس بين الإدارات الحكومية المتعددة. القصص التي نسمعها من الناس مؤسفة، فهناك من يمضي أكثر من سنة يطارد معاملاته بين الأجهزة الحكومية، ويضطر أخيراً إلى مكاتب خدمات ووسطاء بإجور عاليه، وربما بطرق ملتوية وغير اخلاقية، لينهي أموره.
بالنسبة للشباب، التأخير لأكثر من عام مضر للمقبلين منهم على التجارة لأول مرة. إنه يؤذيهم نفسيا وربما يحبطهم ويصرفهم عن العمل الحر إذا لم يجدوا من يساندهم ويعينهم على مشاكل البدايات. أيضا يضرهم ماليا، فقلة الخبرة تجعلهم يتعجلون الانفاق على النشاط معتقدين أن الحصول على التراخيص متيسر ويتحقق في بضعة أشهر.
ايجاد جهة موحدة للتراخيص ربما يتحقق عبر انشاء شركة خدمات متخصصة، أو عبر إنشاء مكاتب موحدة للاجراءات الحكومية في الغرف التجارية، أو ربما يتم عبر شركات المحاماة، أو عبر إعادة تأهيل مكاتب ودكاكين الخدمات القائمة وتطوير إمكاناتها.
الحلول متيسرة وعديدة ولن تضيف أعباء مالية على النفقات العامة. المهم أن تتحرك الحكومة لإيجاد الحلول، خصوصا بعد الاعتراف والاقتناع بمشكلة المنشآت الصغيرة في الاقتصاد الوطني وتشتت الولاية عليها وعدم الاهتمام بها وهو ما أدى إلى قيام هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة.
في السابق، كان التمويل أبرز مشاكل المنشآت الصغيرة، ومع تعدد الجهات المانحة تجاوزنا هذه المشكلة الكبرى، والمؤسف أن مشكلة الشباب والباحثين عن العمل الحر الآن هي التراخيص! لن نتجاوز هذا التحدي بالآليات وطرق العمل الحكومي القائمة، ونرجو أن تكون الحكومة لديها التصور الكامل عن مشكلة التراخيص للأنشطة التجارية، حتى تكون قادرة على توليد الحلول، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما يقول الفقهاء.
في رؤية المملكة 2030 ثمة وعي حول أهمية المنشآت الصغيرة ودورها في تحريك النموالاقتصادي وتوسيع سوق العمل وتنشيط التجارة الخارجية، وما هو مطروح ومرغوب في الرؤية من منافع متعددة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة نخشى ألاّ يتحقق إذا استمرت بعض الأجهزة الحكومية الخدمية بطيئة وبليدة الإجراءات، ولم تتحرك نحو المستقبل.
علينا أن نأخذ شبابنا إلى المستقبل، وأفضل وسيلة تمكنهم من المستقبل هي التعليم والعمل والتجارة، وهذه الممكنات من المستقبل كلها بأيدينا ونتحكم بها الآن، وليس لنا عذر إذا قصرنا في تيسير دروب الحياة الكريمة لشبابنا.