سمر المقرن
الغريب أن وزارة التخطيط «ذكورية» في إحصاءاتها، أقول هذا على ضوء الإحصائيات السنوية الموثقة والتي تصدر عن سجلات وزارة التخطيط، وآخرها ارتفاع عدد العوانس إلى 4 ملايين فتاة بنهاية عام 2015م.
فلم تضع الوزارة عدد العوانس الرجال في سجلاتها وإحصاءاتها، وكأن مصطلح العنوسة خاص بالمرأة. مع أنه في قواميس اللغة عام للجنسين، والمقصود به من تعدوا سن الزواج من الجنسين. أيضاً تصوّر الوزارة في هذه الإحصائيات أن المشكلة خاصة بالمرأة، ولا ترى في الوقت ذاته أنها مشكلة وجود رجل عانس أكبر وأكثر ضرراً!
في كل عام تصدر هذه الإحصائيات، وتقام حولها البرامج التلفزيونية، والتقارير الصحافية، وتكتب أقلام الكتاب بحثاً عن الأسباب، وأكثر علاج ناجح من وجهة نظر ذكورية هو «التعدد» في تصوير ناقص لمؤسسة الزواج وكأنها مؤسسة جنسية، بعيداً عن المشاركة الحياتية بشكل عام والتي لا تقبل القسمة على أكثر من شخصين. بعيداً عن هذا كلّه، ما زلت أرى وجهات النظر والتحليلات لا تدخل إلى أعماق القضية ذاتها، لا تنظر إلى المُعطيات التي أوصلت الفتيات إلى «العنوسة» كحل أفضل من الزواج. لأنني كنت وما زلت مؤمنة أن أغلب حالات العنوسة هي عزوف عن الزواج بمعنى أنها عنوسة اختيارية، لأن الفتاة السعودية وصلت إلى النضج الكافي الذي يجعلها تُميز ولا تريد أن تُلقي بنفسها في أحضان أي رجل مهما كان شكله وهيئته وأوضاعه أو الإغراءات التي قد يُقدمها، لأنها لا تريد أن تخرج من إحصاءات العنوسة وتدخل إلى إحصاءات الطلاق.
فكرة الزواج لدى الفتاة السعودية باتت أبعد من أيام العسل والدلع والكلام الجميل، أبعد بكثير إلى حياة أبدية تضع في حساباتها إن كانت تستطيع أن تصمد فيها وتعيش بسعادة أم تتورط وتصبح حبيسة الانفصال العاطفي أو الطلاق وقد يتورط معها أطراف أخرى خصوصاً إذا كان هناك أطفال!
لا أدري إلى متى وكل الحلول الصادرة لقضية العنوسة لا تنظر إلى علاج حقيقي وواقعي يتماشى من النضج الذي تعيشه المرأة السعودية، لماذا الحلول لا تنظر إلى ما هو أبعد من غرفة النوم، والنظر بجدية إلى أوضاع الرجل الذي قرر العزوف عن الزواج، فهو أكثر خطورة من المرأة، التي وصلت إلى مستوى عال من التعليم والوظيفة والزواج بالنسبة لها إما أن يكون طريقاً للسعادة وإلا فلا!