بدأت فكرة المدن الجديدة في منتصف القرن الماضي في بريطانيا وبالتحديد في إنجلترا عام 1946م، حينما أصبحت المدن الإنجليزية لا تحتمل من كثرة الازدحام السكاني، عندها قامت السلطات البريطانية بتشكيل مجموعة لجان متخصصة هدفها حل الازدحام السكاني، وعلى الرغم من شح الأراضي والمساحات في إنجلترا إلا أن اللجان انتهت على مقترح بإنشاء مدن جديدة لحل هذه الأزمة، وتم إنشاء مدن جديدة مثل: ميلتون كينز، ستيفناج وهارلو خارج مدينة لندن.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فالوضع مختلف تماماً فمع زيادة السكان بدأت المدن في التوسع ولكن بتخطيط مسبق وتصاميم عصرية تتسع للزيادة العددية للسكان. وقامت حكومات الولايات بعدها باتخاذ قرارات لوضع حدود للمدن الرئيسية بهدف تقديم الخدمات للسكان بشكل أفضل، وأصبحت تلك المخططات الجديدة خارج المدن الرئيسية «ضواحي» وبعد ذلك أصبحت هذه الضواحي مدن وقرى جديدة خارج النطاق العمراني للمدن الرئيسية لها مكانتها بتصاميم عمرانية حديثة.
علينا أن نبدأ حيث انتهى الآخرون وقد يكون اقتراح بناء مدن جديدة لحل أزمة الإسكان هو الحل الأمثل لأزمة الإسكان الحالية، وبالإمكان تسمية تلك المدن «ضواحي جديدة» خارج النطاق العمراني للمدن المكتظة بالسكان كالعاصمة الرياض، ويمكن أيضاً تطوير المدن أو القرى الصَّغيرة الواقعة خارج مدينة الرياض كالمزاحمية وبنبان وسدوس والعيينة والجبيلة وغيرها. هذه المدن الصَّغيرة الحجم تشكل حلاً رئيسياً لمشكلة الإسكان، فإذا تم تطويرها وتخطيطها (مع الاحتفاظ بهويتها وتراثها) بتصاميم عصرية وتخطيط عمراني حديث فإنها ستفتح آفاقاً جديدة في عالم التخطيط العمراني المستقبلي، ليس فقط كحل لأزمة الإسكان وإنما أيضاً لتطوير تلك المدن خاصة وهي مرتبطة بمدينة الرياض بطرق سريعة وتمتلك البنية التحتية اللازمة.
المدن الكبيرة عالمياً التي اختنقت بالازدحام، تنفست من خلال إنشاء مدن جديدة، والبعض الآخر قام بتطوير القرى المجاورة فمدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر أكبر مساحة مدينة في العالم (4751 ميل مربع)، نشأت حولها مدن مثل لونق بيتش (470000) وأناهايم (337000) وسانتا آنا (320000) وإيرفاين (206000) وباسادينا (140000) وكثير من المدن المجاورة.
وفي هذا السياق، هناك العديد من المدن العالمية التي تعاني من أزمة سكانية مثل نيودلهي (الهند) 25 مليون نسمة، شنغهاي (الصين) 23 مليون نسمة، مكسيكو ستي (المكسيك) 21 مليون نسمة. لذلك آمل ألا نصل إلى هذه الدرجة من التعداد السكاني في مدننا الكبيرة حتى لا تتراكم المشكلة ويصبح الحل بغاية الصعوبة.
سيكون تشييد مدن جديدة أو إعادة تطوير مدن وقرى مجاورة لمدينة الرياض له الأثر الإيجابي على المدى الطويل من حيث الأسباب التالية:
- حل جذري لأزمة الإسكان.
- الارتقاء بمدننا إلى عالم متميز في تخطيط المدن.
- تقليص الازدحام وانعكاسه على التقليل من الحوادث المرورية.
- توزيع سكاني عادل من شأنه توفير الوقت والجهد.
- خلق فرص وظيفية للعمل.
- أحياء سكنية مغلقة ومميزة ومصممة على أحدث وأرقى التصاميم تناسب الأسرة السعودية.
- وسائل نقل حديثة من وإلى المدن الجديدة.
- مساحات خضراء ومرافق ومنتزهات وخدمات أخرى عالية الجودة.
ولنجاح هذا المقترح يجب أن ترتبط تلك المدن بأقرب مدينة رئيسية مثل مدينة الرياض بطرق سريعة وخطوط نقل حديثة وذلك لتحفيز التحول الإسكاني إليها.