عبدالعزيز السماري
تتصدر الحوارات حول أسعار فواتير المياه والكهرباء المشهد العام، ويكاد ينحصر الحوار في المجالس العامة حول ارتفاع أرقام هذه الفواتير، التي أصبحت تؤرق منام نسبة غير قليلة من المواطنين، وترتفع الأصوات في المناطق الأكثر قسوة في الطقس، بينما لا يكترث سكان الجبال وسكان الشمال من فواتير الكهرباء؛ فالطقس معتدل؛ ويتطلب استخدامًا أقل للمكيفات، لكن تظل مشكلة فواتير المياه شاملة.
حسب متابعتي لهذا الشأن، غالبًا لن يكون هناك تراجع عن القرارات المعلنة؛ فالإصلاح الاقتصادي - حسب الرؤية - يتطلب تعديل أسعار الطاقة والمياه؛ وهو ما يفتح الباب أمام الحلول والنصائح التي من الممكن أن تقلل من تكلفة الفواتير. وسأحاول تقديم بعض الرؤى والنصائح للمواطنين المتأثرين من قرارات الإصلاح الاقتصادي.
في الشأن الكهربائي الأمر أسهل بكثير من أزمة أسعار المياه؛ فالطاقة النظيفة تتصدر المشهد العالمي، والمستقبل على الأبواب، وقد حدث تطوُّر مذهل في استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في المنازل في العالم، واقتربنا كثيرًا من الاستقلال التام عن استبداد شركات الكهرباء بالنور، لكن سيظل أمر الطاقة الشمسية معلقًا في ظل سكوت الشركة السعودية عن تطبيقات العداد الذكي في المنازل، الذي سيسمح للمواطن بأن يتحول إلى الكسب المادي حين يولد طاقة كهربائية، ثم يبيعها لشركة الكهرباء.
ومهما حاولت الشركة أن تغطي ضوء الشمس بمنخل تأخرها عن بقية العالم ستصبح استخدامات الطاقة الشمسية لتوليد النور واقعًا لا مفر منه، وما تفعله شركة تسلا الأمريكية في تقنية الطاقة الشمسية يعيد مشهد شركة أبل، وما أحدثته من تطورات لافته في عالم الاتصالات.. والتكنولوجيا الذكية دومًا تربح ولو حاول تجار الوسائل التقليدية إخفاءها في ظلامهم الدامس، ولن يستطيعوا.
الأزمة التي سيواجهها المواطن هي على وجه التحديد مع فاتورة المياه؛ فبلادنا تعاني من ندرتها، في حين تضيء الشمس البلاد جميع أيام السنة؛ وهو ما يجعل الأمر صعبًا في المنظور القريب لمواجهة ارتفاع فواتير المياه. وسأحاول أن أهدي المواطن بعضًا من النصائح لكي يتمكن من تقليل أرقام الفواتير..
أولها أن يفكر في الانتقال إلى القرية إذا كان متقاعدًا، على أن يشتري مزرعة صغيرة، تحتوي على بئر للمياه الجوفية. وهذه أسرع طريقة لتصفير الفاتورة، لكنها لا تنطبق على الملزمين بالسكن في المدن؛ وهو ما يجعل من الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة لهم..
أحد الحلول المجدية نوعًا ما أن يفكر في إلغاء الأشجار والنباتات داخل سور منزله، إذا كان يعيش في فيلا صغيرة، وأن يحولها إلى ساحة من البلاط الأسمنتي الصامت؛ وبالتالي يقلل نسبة استهلاكه للمياه في المنزل، ولو كان ثمن ذلك في اتجاه آخر ارتفاعًا في درجات الحرارة في المدينة.
ومن الاقتراحات غير الممكنة أن يغيِّر المواطن من طرقه التقليدية في النظافة، ومنها أن يؤخر اغتساله الشامل واليومي إلى نصف أسبوعي أو أسبوعي، وأن يستخدم الورق في التنظيف الشخصي في دورات المياه، وأن يستفتي في جواز التيمم بدلاً من الوضوء بالماء في حالة عجزه عن دفع فاتورة المياه.
ومن الحلول المجدية جدًّا، (واللا مفكر فيها)، أن يبحث المواطن عن منزل ملاصق للمسجد؛ وهو ما يعني نقل بعض استخدامات دورات المياه في منزله لدورات مياه المسجد. والمساجد تحظى بتوافر عال للمياه، وقد يكون هذا الحل إنقاذًا لجيران المساجد من ارتفاع تكاليف فواتيرهم المائية، وقد ترتفع أسعار المنازل المجاورة للمساجد لهذا السبب، وقد ترتفع أيضًا المطالبات ببناء مزيد من المساجد في الأحياء.