د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
- الناس كما المطر والغبار؛ صحوٌ وغيم، ورعدٌ وسكون، ونسيمٌ لطيف وعواصف مؤرقة، ومن تسكنهم المحبة ومن يملأُهم البغض، والتعامل معهم يحتاج إلى مظلةٍ وكمامة، وإلى روحٍ متسامحةٍ وعقلٍ واعٍ وإلى عاطفةٍ هادئةٍ وابتساماتٍ ملونة.
- الحياة لا تستتر والحيُّ لا يأتزر، والمشاعرُ ليست تيهًا لمن يعبثُ ومن يعبس، ومن يُصرِّف اللغةَ وفق مزاجه ومن ينشر اللغوَ من أعماقه، وفي زمننا صار يسيرًا أن تقرأ من يصفو ودُّه ومن يطفو حقدُه إذ لا طاقة لكثيرين -وقد انفتحت الساحاتُ والمساحات- بلجم أصابعهم عن بثِّ الغث والرث؛ أجاء بأسمائهم أم بألقابهم، وسواءٌ أفكروا بما تجنيه الكلمة أم قدَّروا ما تتجنبه.
(2)
- ينتهي الحديث عن الظواهر الطبيعية والبشرية لكنه لا ينتهي عن الناس الذين يحللونها ويحركونها ويؤثرون في مساراتها حين ينفصلون عن ذواتهم أو يتصلون بها، ويبدو الهادي والهاذي وفق تصنيف المعري، ويتجلى الشكُّ في كل من نصطفيه كما ادّعى المتنبي، ونظل نلتقي بأشتاتٍ من البشر نظن فيهم خيرًا أو نتوجس شرًا فيُخلفون تقديراتنا، ويبقى الحكم مدار التعامل التفصيليِّ الطويل، مثلما يدلُّ القول والفعل على صاحبيهما، وقد يسَّرت الأمرَ وسائطُ التواصل « الكتابية والصوتيةُ والصوريةُ « فيكفي -لمحاكمة سلوك امرئٍ واتجاهاته - جمعُ تغريداته ولقطاته وتسجيلاته فيستبين مع النطق المنطق ومع الحروف الاحتراف والانحراف وعبر الصور التصورات والاهتمامات.
(3)
- تبقى الدراسات النفسيةُ القائمةُ قبل ثورة الإنترنت قاصرةً عن استكناه التبدلات العنيفة بعدها؛ فلم تعد معاييرُ الشخصيات النرجسية والانطوائية والعصبية والجذابة وغيرها ثابتةً؛ فقد تجرأ الخجول وتاه المتواضع وانخدع الجذاب وغضب الهادئ، والضدُّ كذلك.
- كما يبدو عالم ما يسمى «المشاهير» متفردًا بتكويناته المتضخمة، كما «للمثقفين والأكاديميين « أدواؤُهم وأنواؤهم، والسعيد فيهم من لم يغادر موقعَه حيث وُلد وتكوَّن فلم تُغره نجومية باهتةٌ ولم تستوقفه حكاياتٌ هائمة ولم يسعَ إلى مغانمَ مؤقتة وعاد -ذهنًا وواقعًا- إلى أرضه فغمس يديه في ترابها وغسل روحه من هوائها وأيقن أن الأصل لا يخذل من اعترف به واغترف منه ولم يتسامَ فوق نفسه وناسه ودرسه وغراسه.
(4)
- النموُّ يلد المقاومة ويُورث القوة، وهو ما يجعل الإنسانَ يصنع سدودًا أمام من يحاول إيقافه عن تحقيق تطلعاته مثلما يخلق الصدامَ العلني والمستتر مع قوى المجتمع وتنظيماته وأفراده؛ فليس الصدرُ أو القبرُ وحدهما ما يحتوي النفوسَ بل بينهما سهولٌ ووهادٌ وأوديةٌ يعيش فيها المطمئنون الناؤون عن مدارات الصراع وحلبات المصارعين.
(5)
- لأحد الحكماء مقولة مؤداها : اجلسوا على الأرض وانظروا إلى فوق، واصعدوا إلى الفضاء وتمعنوا في الأسفل «،وفيها - لا ريب - متكأُ هدوء لمن شاء، وأعان الله مَن «طاعن خيلًا مِن فوارسها الدهر» كما سعى أبو الطيب فلم يُبلغه زمنُه ما أراد ومات في صحرائه طريدا.
(6)
- الظلُّ شمسُ الهانئين.