فهد بن جليد
عندما بحثتُ (كصحفي تلفزيوني) أزمة مياه النيل بين دول المنبع ودول المصب في أفريقيا قبل نحو 8 سنوات، ارتسمت في ذهني (أول ملامح) مُستقبل العالم من مخاوف نقص مياه الشرب المُنتظرة على كوكبنا، ولعل آخرها ما أعلنته مُنظمة (اليونيسيف) من أنَّ طفلاً من بين كل أربعة أطفال، سيعيشون بحلول عام 2040م في منطقة تعاني نقصاً حاداً في موارد المياه؟!.
دعني أصف لك الصورة التي شاهدتها هناك، ولك أن تتخيل ما بقي منها اليوم، معاناة السكان كانت واضحة على ضفاف (بحيرة فيكتوريا) إحدى البحيرات العظمى، وأكبر بحيرة استوائية في العالم، فهم ينقلون (جوالين المياه) على أكتافهم أو بمساعدة بعض الدواب بصعوبة، مع خشيتهم على مُستقبل أبنائهم من (شح المياه) التي سبقت توقعات المنظمة العالمية، ويبدو هذا واضحاً من خلال حديثي مع بعض النساء والرجال الذين يقضون -نصف نهار- في رحلة نقل ما يكفيهم وأطفالهم من المياه (ليومين فقط)!.
الصورة في الطرف الآخر من البحيرة كانت مُغايرة ومُختلفة ؟ وأنت تُشاهد أصحاب الدراجات النارية (التوك توك) مُصطفين لغسلها بالمياه العذبة، بالقرب من إحدى أكبر مشاريع تخزين وضخ مياه النيل، مما يُشكل خطراً على منبع النيل الأبيض والبحيرة التي تضم 3 آلاف جزيرة، ليعكس لك المشهد اختلاف ثقافة الدول التي تُطل عليها (كينيا، أوغندا، تنزانيا) وتعاملهم مع أزمة النيل مع دول المصب (العربية) التي بقيت رهينة بتدفق المياه ومخاوف المشاريع التي تهدد (المياه المُشتركة) في أفريقيا، وهذه صورة مُصغرة لكيفية تعامل دول العالم مع أزمة المياه الخانقة في كل المناطق الأخرى، والخطر القادم الذي يهدد بإشعال فتيل الحروب القادمة بين البشر؟!.
حاجة العالم العربي من المياه تضاعفت خلال خمسة عقود ماضية، لأكثر من (خمسة أضعاف) استهلاكنا بأرقام مُخيفة تهدد الأمن المائي العربي مع ثبات المصادر الطبيعية، إذا ما استثنينا المشاريع العملاقة والمُتقدمة لتحلية المياه التي تقودها المملكة ودول الخليج العربي، وهي مشاريع مُكلفة مادياً وتحتاج إلى ترشيد في الاستهلاك، وتصحيح لثقافة التعامل مع المياه المُحلاة والمدعومة.
نكمل غداً..
وعلى دروب الخير نلتقي.