تتسم العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن بعلاقات استراتيجية متينة وتاريخية متجذرة تمتد لأكثر من 80 عاماً، وقائمة على أساس المصالح والقيم المشتركة، ويعمل الطرفان على تعزيز الأمن الإقليمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومجابهة التحديات الملحة في مختلف أرجاء العالم. ففي هذا الإطار تأتي الزيارة التاريخية لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة هي الأولى من نوعها منذ تولي دونالد ترامب مقاليد الأمور داخل البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي.
فالإدارة الأمريكية تدرك الدور الريادي التي تلعبه المملكة في استقرار أمن المنطقة، ودورها القيادي في مكافحة الإرهاب، والمملكة العربية السعودية تنظر بالكثير من الجدية والاهتمام لعلاقاتها مع واشنطن ولعقود طويلة ظلت العلاقات الخارجية بين الدولتين استراتيجية وقوية وإيجابية.
فهذه الزيارة تعد قفزة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية القائمة بين البلدين وستغطي مجموعة واسعة في المجالات السياسية والاقتصادية بجانب القضايا الأمنية خاصة أنها تأتي في وقت حرج تمر بها المنطقة، وسأكشف لكم دلائل توضح مدى عمق العلاقة الاستراتيجية والقواسم المشتركة سياسياً اقتصادياً ثقافياً أمنياً وهي كالتالي:
أولاً: على الصعيد السياسي:
التطابق بين الرياض وواشنطن تجاه القضايا التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط التي تموج فيها الفوضى بسبب التدخلات الإرهابية الإيرانية، وفقاً لما صرح به وزير الدفاع الأمريكي جميس ماتيس، (أن طهران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب).
أ - الملف السوري
بحث سبل التعاون السعودي الأمريكي في مجال مكافحة تنظيم الدولة «داعش» وشدد الجانبان على ضرورة دحر ومكافحة الإرهاب الممثل في تنظيم الدولة «داعش» والفصائل الداعمة له، وتسوية الأزمة السورية، عبر الجهود الدبلوماسية السعودية المكثفة لتفعيل مبادئ مبادرة «جنيف1» وإيجاد آلية للوصول للهدف المشترك بين الطرفين الذي يتمثل في دولة سورية موحدة تعيش جميع مكوناتها بحقوق مكفولة وعادلة.
ب - الملف اليمني
دعم أمريكي لوجستي للدول قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الحرب ضد الحوثيين الانقلابيين على الشرعية في اليمن (الذراع الإيراني)، وذلك على خلفية التوجهات العدائية الأمريكية ضد طهران دفعت حكومة ترامب إلى مناهضة كل تحركاتها في اليمن.
ثانياً: على الصعيد الاقتصادي:
شكل الاقتصاد الركيزة «الأساسية» للعلاقات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد الشريك الاقتصادي والتجاري الأكبر مع المملكة حتى الآن، فالعلاقة التجارية بين الرياض وواشنطن نمت نمواً قويا لأكثر من 80 عاما، وازدهرت العلاقة لأنها بنيت على أساس متين من الاحترام والمنفعة بين البلدين الصديقين. ويقدّر خلالها حجم الميزان التجاري إلى أكثر من 74 مليار $، فالمملكة العربية السعودية اليوم الشريك التجاري رقم 12 لأمريكا، في حين أن الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية.
ثالثاً: على الصعيد الأمني والعسكري:
الزيارة تتجسد لرفع أعلى مستوى التعاون والتنسيق الأمني والعسكري وذلك بهدف تجفيف منابع الإرهاب ومكافحته وتحقيق الاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي.
رابعاً: على الصعيد الثقافي:
ازدهرت العلاقات السعودية الأمريكية على الصعيد الثقافي حيث يصل عدد الطلاب المبتعثين السعوديين إلى أكثر من 125 ألف طالب، موزعين على 51 ولاية، وأصبحت أمريكا الأولى على مستوى العالم باستقبال المبتعثين السعوديين ضمن برنامج بعثة خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
ختاماً .. فالعلاقات السعودية الأمريكية علاقات وطيدة واستراتيجية وأنه مهما مرّت العلاقة بين الرياض وواشنطن من اختلاف في وجهات النظر أو عمليات شد وجذب، تظل أصول العلاقة متجذرة وراسخة، تحكمها المصالح المشتركة بين البلدين ولا تتأثر بعوارض مشبوهة ولا شوائب طارئة، وتهدف الرياض في علاقتها مع واشنطن بإيجاد سبل للتعاون المثمر في تحقيق التنمية المستدامة بالتوافق مع شعار الأمم المتحدة، وهو ما يتطابق مع رؤية المملكة 2030 .