د.ثريا العريض
مر بنا 21 مارس قبل بضعة أيام.. وحمل لنا مشاعر متناقضة..
يوم مميز يحتفل به الشعراء باعتباره يوم الشعر العالمي..
وتحتفل به بعض المجتمعات كإرث ملموس من الحضارات العتيقة لأنه يعلن فصل الربيع وبداية العام الطبيعي..
وهو يوم الاحتفال بعيد الأم في البلاد العربية..
فكل عام والأمهات والطبيعة والشعر بخير..
أما الشعر فأعيشه كجزء لا يتجزأ من كياني منذ لثغت باللغة الأم. ابتهج حين يكرموني كشاعرة متفردة.. ولكني لست من المهووسين بالخلود به في ذاكرة أحد.. وبالتالي لست مغرمة بالاحتشادات المنظمة للاحتفال به. ومثل أعاصير مارس يداهمني منذ الطفولة دون إنذار ولا تحديد موعد فتتدفق القصيدة كما تشاء، لترسمني سطورًا دامعة أو راقصة فرحًا.. كما تنعكس فيها رياح المواسم..
في مارس تتدفق المشاعر المتضاربة ويتدفق الشعر..
لم أخطط لأي احتفال ولكن العائلة احتفلت بي بمناسبة عيد الأم. وفي مشاعري ظل يحتدم السؤال القائم: متى سنستطيع الاحتفال بانتهاء موسم الإرهاب والدمار؟
****
قارب شهر مارس على الانتهاء بعد أن حمل لنا الكثير من المتغيرات المفاجئة؛ كثير منها كان مبهجًا ومفرحًا كنجاح نشاطاتنا الثقافية، وتفعيل هيئة الترفيه دون تخريب. وبعضها كان مؤلمًا كاستمرار أخبار الإرهاب واستشهاد الأبرياء داخل البلاد وخارجها.
يعرفه الفينيقيون باسم آذار ويربطونه بارتباكات الفصول فهو بدء الربيع والخصب وموعد الغراس والزراعة ودورة مواسم العام الشمسي في كثير من الحضارات.
خلده شكسبير في «هاملت».. حين تهيب الساحرات الكاهنات الأمير التراجيدي هاملت: «حذار من أعاصير مارس».
وهو عندنا موسم الأعافير والأمطار والفيضانات والسيول. وأن تخطط لاحتفال في مارس فيه مغامرة ومقامرة فقد تهب عاصفة مفاجئة تقلب الجلسة وتخرب الاستعداد وتملأ الصحون والصواني بالرمل والغبار.
مارس اسم إله الحرب عند اليونان الأقدمين.. وهو أيضًا عاشق فينوس ربة الخصب وهما «اللات» و»العزّى» عند عرب الجاهلية.
وبين الحرب والخصب معركة الموت واستمرار الحياة.
اليوم العالم كله يعيش معركة مستمرة مع داعش تنظيم الإرهاب والعنف والدموية والموت. موسم طويل من التدمير والخراب منذ أعلن هذا التنظيم الشقي وجوده. تقول التقارير أنهم حاصروه في العراق والشام، وعلى الله نتكل لتتحقق أحلام ومساعي العالم للقضاء عليه عندها نحتفل باستعادة الشعور بالأمان والوئام.