د. خيرية السقاف
تنامى العنصر البشري من الأطباء المواطنين خلال العقدين الماضيين بشكل ملفت, ومبهج..
عني, أفرح لهذا التنامي كثيراً, وأنا أواكب طموح الشباب الذين بالأمس كانوا في الجامعة يتهافتون على مقاعد في كليات الطب, والصيدلة, والفيزياء, والفلك, والهندسة, والإدارة والسياسة, والاقتصاد, والقانون ... إلخ, واليوم قد أصبحوا في مقاعد أعضاء هيئة التدريس, بحيويتهم, وطموحهم, ورغبتهم في التطوير, والتأسيس, والإضافة, والتغيير الأجدى, المثمر..
في ردهات المنشأة الطبية الكبرى «مستشفى الملك خالد الجامعي» كمثال أنت لا تتحرك كمريض حين تكون جزءاً في مسيرة هذه الجامعة, فتتلبسك مشاعرك بفيضها, وتحتويك بوهجها وأنت تقابل وجوههم الكثيرة, تحمل ملامح النجاحات الفائقة التي طالت بها قاماتهم, استشارياً, أو استشارية في ذاكرتك هي تلك الفتاة التي قابلتها ذات يوم منخرطة في صفوف الحاملات ملفها وهي حالمة بالرداء الأبيض, وسماعة الكشف, أو ذلك الفتى الذي أمه سمعتها يوماً مشفقة على لهاثه, وتعبه في التحصيل العلمي, أو سمعت أباه مع الجماجم, وهياكل الفك العلوي, والعمود الفقري, وضلوع الصدر!!..
إن «مدينة جامعة الملك سعود الطبية» بالفعل مدينة آهلة بالفرح كما هي آهلة بالكفاح, منظمة, متنامية, متطورة, وفي الوقت ذاته آهلة بكفاءات علمية من الأطباء ذوي التأهيل العالي في التخصص, والمهارة الفائقة في المهنة, كلهم ذلك الجيل قبل عقدين قد غدوا حضوراً وعطاءً وتميزاً ومهارة, أسماء في كل التخصصات يعتد بها على مستوى العالم, ومجتمعنا لا يعرفها إلا حين يقدر له أن تكون هي من تتعامل مع حالته المرضية, ويكون هو بين يديها الرحيمة الماهرة!!..
تشعر بفرح مضاعف حين تسترجع هذه المدينة حين كانت قرية صغيرة, مسكونة أيضاً بأرباب الطب من الكفاءات الوطنية..
ذكرت لي صديقة أن ابنها ابتلي بمرض السرطان, فذهبت به إلى هذه المدينة وتمت معالجته على يد مختص من شبابها النطاسيين المهرة, وشاءت التأكد من حالته فأخذته إلى مصحة شهيرة في أمريكا مختصة بمعالجة الأمراض الحرجة, وما كاد الأطباء يطلعون على مجريات علاجه إلا طلبوا إليها العودة لمن طببه في بلادنا, فهم كما قالوا لها لا يملكون أفضل مما تلقى من علاج, وعادت بكل الثقة لمدينة جامعة الملك سعود الطبية وقد برأ ولله الحمد ابنها من سقمه الخطير..
وعندما نقيس على هذه الحالة فلسوف لن نفاجأ, لأن هذه المدينة الطبية مكتظة بالمهرة, من يميزهم مع العلم الخلق الراقي, والتعامل الخلاّق, هؤلاء أبناء الوطن, مفخرة الأرض, والمرضى, والأمهات, والآباء, وكلمة الحق عنهم..
تحية في البدء لأطبائنا من الزملاء الذين رافقناهم المرحلة, وشاطرناهم اللهاث من أجل هذه الجامعة العريقة في جميع أجزائها, ومجالاتها, من أعطوا, وأخلصوا, ثم أوفوا ..
وتحية لأبنائنا تحديداً أطباء مدينة جامعة الملك سعود الطبية, في «مستشفى الملك خالد الجامعي» ولكل أساتذتهم الذين اقتدوا بهم, وأخذوا عنهم, ولزملائهم, ولكل من فيها ممن قامت عليهم أبنية هذا الصرح, حتى الفنيين, والإداريين, وعناصر التمريض, والعلاقات العامة, وخدمة المرضى, إلى الحراس الأمناء.. نساءً, ورجالا..